والتغيير في كتاب الله بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وحاولوا تأويل الحديث الوارد بذلك.
بينما الآخرون ضربوا به عرض الجدار ، لأنّه خبر واحد يؤدّي إلى التلاعب بالقرآن الكريم.
قال الإمام الزركشي : وقد تكلّموا في قولها : «وهنّ ممّا يقرأن» ، فإنّ ظاهره بقاء التلاوة حتّى ما بعد وفاة الرسول ، وليس كذلك! فمنهم من أجاب بأنّ المراد : قارب الوفاة قال : والأظهر أنّ التلاوة نسخت أيضا ولم يبلغ ذلك كلّ الناس إلّا بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم فتوفّي وبعض الناس يقرأها!
قال : وحكى القاضي أبو بكر في «الانتصار» عن قوم إنكار هذا القسم ، لأنّ الأخبار فيه آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجّة فيها. (١)
وهكذا زعمت أنّ لفظة «متتابعات» كانت مثبتة في المصحف وأسقطت فيما أسقطت منه.
[٢ / ٢٩٤١] أخرج البيهقي والدار قطني وصحّحه بالإسناد إلى ابن شهاب عن عروة عن عائشة ، قالت : نزلت الآية (٢) فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر متتابعات. فسقطت «متتابعات» (٣).
وحمله ابن حزم والبيهقي على إرادة النسخ ، أي نسخ الحكم والتلاوة معا ؛ وهو حمل غير وجيه. وظاهر كلامها ـ إن صحّ الحديث ـ إرادة الإسقاط على عهد الصحابة ولا سيّما عهد عثمان فيما أسقط من المصحف ، كما زعموا ، وقد زيّفناه آنفا.
[٢ / ٢٩٤٢] وجعل الواحدي من هذا النوع ـ أيضا ـ ما روي عن أبي بكر ، قال : كنّا نقرأ : «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر». (٤)
قال الإمام السرخسي : لا يجوز هذا النوع من النسخ في القرآن عند المسلمين. وقال بعض الملحدين ممّن يتستّر بإظهار الإسلام ـ وهو قاصد إلى إفساده ـ : هذا جائز بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، واستدلّ بما روي عن أبي بكر ، كان يقرأ : «لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم». وأنس كان يقول : قرأنا في القرآن : «بلّغوا عنّا قومنا إنّا لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا». وقال عمر : قرأنا آية الرجم في
__________________
(١) البرهان ٢ : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) البقرة ٢ : ١٨٤.
(٣) أخرجه عبد الرزّاق في المصنّف ٤ : ٢٤١ ـ ٢٤٢. والدار قطني من طريقه في السنن ٢ : ١٩٢. قال : هذا إسناد صحيح. والبيهقي في الكبرى ٤ : ٢٥٨. وابن حزم في المحلّى ٦ : ٢٦١ م : ٧٦٨.
(٤) البرهان ٢ : ٣٩.