[٢ / ١٧٨٩] وأخرج ابن جرير عن السدّي ، قال : كان من شأن فرعون أنّه رأى في منامه أنّ نارا أقبلت من بيت المقدس حتّى اشتملت على بيوت مصر ، فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل وأخربت بيوت مصر ، فدعا السحرة والكهنة (١) والعافة (٢) والقافة (٣) والحازة (٤) ، فسألهم عن رؤياه ، فقالوا له : يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه ـ يعنون بيت المقدس ـ رجل يكون على وجهه هلاك مصر. فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلّا ذبحوه ، ولا تولد لهم جارية إلّا تركت. وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الّذين يعملون خارجا فأدخلوهم ، واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة! فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم ، وأدخلوا غلمانهم ؛ فذلك حين يقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ) يقول : تجبّر في الأرض ، (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً ،) يعني بني إسرائيل ، حين جعلهم في الأعمال القذرة (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ)(٥). فجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلّا ذبح فلا يكبر الصغير. وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت ، فأسرع فيهم. فدخل رؤوس القبط على فرعون ، فكلّموه فقالوا : إنّ هؤلاء قد وقع فيهم الموت ، فيوشك أن يقع العمل على غلماننا بذبح أبنائهم فلا تبلغ الصغار وتفنى الكبار ، فلو أنّك كنت تبقي من أولادهم! فأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة. فلمّا كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هارون ، فترك ؛ فلمّا كان في السنة التي يذبحون فيها حملت بموسى (٦).
[٢ / ١٧٩٠] وأخرج عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم خليله أن يجعل في ذرّيته أنبياء وملوكا (٧) وائتمروا ، وأجمعوا أمرهم على أن يبعث
__________________
(١) الكهنة : جمع كاهن ، وهو الّذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان.
(٢) العافة : جمع عائف ، وهو الذي يتعاطى العيافة ، وهو نوع من كهانة الجاهلية تتمثّل بزجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها.
(٣) القافة : جمع قائف ، وهو الّذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه ، وليست من السحر والكهانة.
(٤) الحازة : جمع حاز ، والحازي هو الذي ينظر في النجوم وأحكامها بظنّه وتقديره.
(٥) القصص ٢٨ : ٤.
(٦) الطبري ١ : ٣٨٩ / ٧٥١ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٠٦ / ٥٠٦.
(٧) حديث غريب! كيف عرف فرعون وذووه بشأن وعد الله لإبراهيم خليله والأنبياء من ذرّيّته؟!