ينسوه لكن لم يأمر أن يكتب في القرآن ، فهو منسوخ بيقين ، من عند الله تعالى ، لا يحلّ أن يضاف إلى القرآن. (١)
هذه جلّ محاولات القوم في توجيه منسوخ التلاوة دون الحكم.
غير أنّ أثر الوهن باد عليها بوضوح :
أوّلا : لا شكّ أنّ رجم المحصن حكم ثابت في الشريعة وأمر به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يزل عليه إجماع الفقهاء في القديم والحديث.
أمّا أنّ شريعة الرجم نزلت آية من القرآن ، فهذا وهم وهمه ابن الخطّاب ، ولم يوافقه على هذا الرأي أحد من الصحابة رغم إصراره عليه!
[٢ / ٢٩٤٥] يحدّثنا زيد بن ثابت ، يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إذا زنى الشيخ والشيخه فارجموهما البتة».
والمراد من الشيخ والشيخة هما الثيّب والثيّبة ، كناية عن المتزوّج والمتزوّجة أي المحصن. فهذا حديث سمعه زيد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يقل : إنّه قرآن!
لكن ابن الخطّاب زعمه وحيا قرآنيا ، يقول : لمّا نزلت أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : اكتبنيها! فلم يجبه رسول الله. قال راوي الحديث : كأنّه كره ذلك. (٢)
قلت : لعلّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم استغرب اقتراح عمر آنذاك الناشىء عن عدم تدبّره اللائق بشأن الكتاب ، أو عدم إلمامه بمواضع الكتاب من السنّة ، ومن ثمّ سكت تأنيبا له!
وأسوء منه ما فهمه ابن حزم من هذا الحادث ، فحمل كراهته صلىاللهعليهوآلهوسلم على عدم رغبته في الثبت في المصحف. وإذا كان حكما قرآنيا ثابتا في الشريعة فلماذا لا يثبت سنده في الكتاب؟ الأمر الذي تغافله ابن حزم ، وحبّ الشيء يعمي ويصمّ!
ثانيا : لا نسخ في غير الأحكام ـ كما سلف ـ فضلا عن عدم فائدة متوخّاة من وراء هذا النسخ غير المعقول ، إذ ما هي الحكمة في نسخ آية فيبقى حكمها ثابتا بلا مستند مع الأبد! لو لا أنّه اختلاق ألجأهم إليه ضيق الخناق.
__________________
(١) المحلّى ١١ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
(٢) المصدر : ٢٣٥.