قالوا : كانت عدّة المتوفّى عنها زوجها ـ في الجاهليّة ـ سنة كاملة ، وكان إذا مات الرجل ألقت المرأة بعرة أو نحوها خلف ظهرها تعني أنّ البعل (تريد المتجدّد) أهون عليها من هذه فلا تكتحل ولا تتمشّط ولا تتطيّب ولا تتزوّج ولا تخرج من البيت إلى سنة وكان ورثة الميّت هم يكفلون شأنها ويجرون عليها الرزق من تركة زوجها طول السنة وكان ذلك هو إرثها من تركة زوجها المتوفّى ، كما كان الحداد سنة عدّتها (١).
قال السيد عبد الله شبّر : هذه الآية منسوخة بالإجماع (٢).
وهناك روايات تنصّ على أنّها منسوخة ، نسختها آية التربّص أربعة أشهر وعشرا ، ونسختها آية المواريث ، إن ثمنا أو ربعا (٣).
***
لكن سيّدنا الأستاذ الخوئي ـ طاب ثراه ـ رفض مثل هذا الاستنتاج العقيم ، وضعّف رواياته ، حيث لا سند لها معتبرا ، كما لا عبرة بإجماع لا يكشف عن نصّ قويم.
قال : والأظهر الأوفق بظاهر تعبير الآية وملابساتها ، أنّها ندب إلى الإيصاء بشأن هذه المرأة ، فلا يجفوها الورثة بزحزحتها عن مأواها الذي ألفته منذ حين ، فليدعوها لتتمتّع بعيشها الراهن ، ولا أقلّ إلى سنة ، لتأخذ رشدها في ابتغاء عيشة ترضاها ومن ثمّ فإنّها إن عزمت على الخروج من طيبة نفسها ، فالأمر لها وهي أعرف بشأنها.
وبذلك تعرف الفرق بين الاعتداد بأربعة أشهر وعشر ليال (٤) ، والإمتاع إلى الحول. (٥)
فذاك كان حقّا عليها مفروضا وهذا حقّ لها ممنوح فلا منافاة كي يستدعي القول بالنسخ. (٦)
قال سيّد قطب : هذه الآية تقرّر حقّ المتوفّى عنها زوجها ، في وصية منه تسمح لها بالبقاء في بيته والعيش من ماله ، مدّة حول كامل ، لا تخرج ولا تتزوّج إن رأت من مشاعرها أو من الملابسات
__________________
(١) راجع : الدرّ ١ : ٦٩٣.
(٢) تفسيره الوجيز (ط مصر) : ٧٦.
(٣) التحرير والتنوير لابن عاشور ٢ : ٤٤٩ ـ ٤٥٢ ؛ ابن كثير ١ : ٢٩٦ ذيل الآية ؛ الوسائل ٢٢ : ٢٣٧ ـ ٢٣٩ ؛ وراجع : الطبري ٢ : ٣٦٠ ـ ٣٦١ (ط بولاق). ذيل الآية : ٢٤٠ من سورة البقرة. وآية التربّص أربعة أشهر وعشرا في سورة البقرة ٢ : ٢٣٤. وآية المواريث في سورة النساء ٤ : ١٢.
(٤) والتي سبقت برقم ٢٣٤ من السورة.
(٥) هي الآية رقم ٢٤٠ من نفس السورة.
(٦) ذكر ذلك في حديث ضاف دار بيننا بمحضره الشريف.