نعم إذا لم يكن لها ولد وارث ، فبما أنّها لا ترث من أعيان العقار ، بل تقوّم عليها وتأخذ القيمة ، فلا حقّ لها ذاتيّا في السكنى ، إلّا إذا رضي الورثة لها بالبقاء وأحسنوا إليها بالإنفاق.
***
ونظيرة هذه الآية في القول بنسخها آية الوصيّة للوالدين والأقربين.
قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)(١).
قال أبو عبد الله القرطبي : اختلف العلماء في هذه الآية ، هل هي منسوخة أو محكمة ؛
[٢ / ٢٩٥٤] فقيل : هي محكمة ، ظاهرها العموم ومعناها الخصوص : في الوالدين اللذين لا يرثان كالكافرين والعبدين. وفي القرابة غير الورثة. قاله الضحّاك وطاووس والحسن ، واختاره الطبري.
[٢ / ٢٩٥٥] وقال ابن عبّاس والحسن أيضا وقتادة : الآية عامّة ، وتقرّر الحكم بها برهة من الدهر ، ونسخ منها كلّ من كان يرث ، بآية الفرائض.
وقد قيل : إنّ آية الفرائض لم تستقلّ بنسخها ، بل بضميمة الحديث الوارد :
[٢ / ٢٩٥٦] عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا وصيّة لوارث»! رواه أبو أمامة. أخرجه الترمذي وقال :
حديث حسن صحيح (٢). فنسخ الآية إنّما كان بالسنّة الثابتة لا بآية المواريث ، على الصحيح من أقوال العلماء.
قال القرطبي : ولو لا هذا الحديث لأمكن الجمع بين هذه الآية وآية المواريث ، باستحقاق المال إمّا بالوصيّة أو بالميراث إذا لم يوص ، أو ما بقى بعد الوصيّة لكن المانع من هذا الجمع والتوافق ، هو هذا الحديث إلى جنب الإجماع.
قال : وهذا الخبر وإن بلغنا آحادا ، لكن قد انضمّ إليه إجماع المسلمين : أنّه لا تجوز وصيّة لوارث. فقد ظهر أنّ جواز الوصيّة للأقربين منسوخ بالسنّة وأنّها مستند المجمعين. (٣)
[٢ / ٢٩٥٧] أخرج البخاري عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عبّاس قال : كان المال للولد ،
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٠.
(٢) الترمذي ٤ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤ / ٢١٢٠ و ٢١٢١ ، باب ٥ (من الوصايا).
(٣) القرطبي ٢ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.