الطريق ، فسألهم عن موضع قبره فلم يعلموا فقام موسى ينادي : أنشد الله كلّ من يعلم أين موضع قبر يوسف عليهالسلام إلّا أخبرني به ، ومن لم يعلم به فصمّت أذناه عن سماع قولي ، وكان يمرّ بين الرجلين ينادي فلا يسمعان صوته ، حتّى سمعته عجوز لهم فقالت : أرأيت إن دللتك على قبره أتعطيني كلّ ما سألتك؟ فأبى عليها وقال حتّى أسأل ربّي ، فأمره الله تعالى بإيتائها سؤالها ، فقالت : إنّي عجوز كبيرة لا أستطيع المشي فاحملني وأخرجني من مصر ، هذا في الدنيا ، وأمّا في الآخرة فأسألك أن لا تنزل غرفة من الجنّة إلّا نزلتها معك ، قال : نعم ، قالت : إنّه في جوف الماء في النيل ، فادع الله تعالى حتّى يحسر عنه الماء ، فدعا الله تعالى فحسر عنه الماء ، ودعا الله أن يؤخّر طلوع الفجر إلى أن يفرغ من أمر يوسف عليهالسلام فحفر موسى عليهالسلام ذلك الموضع واستخرجه في صندوق من مرمر وحمله حتّى دفنه بالشام ، ففتح لهم الطريق فساروا وموسى عليهالسلام على ساقتهم (١) وهرون على مقدّمتهم ، ونذر (٢) بهم فرعون فجمع قومه وأمرهم أن لا يخرجوا في طلب بني إسرائيل حتّى تصيح الديكة فو الله ما صاح ديك تلك الليلة فخرج فرعون في طلب بني إسرائيل ، وعلى مقدّمة عسكره هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف ، وكان فيهم سبعون ألفا من دهم الخيل سوى سائر الشيات (٣). (٤).
[٢ / ١٨٠٧] وأخرج الحاكم بإسناده عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى وصحّحه! عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديثه عن عجوز بني إسرائيل ، قال : «إنّ موسى أراد أن يسير ببني إسرائيل فأضلّ عن الطريق. فقال له علماء بني إسرائيل : نحن نحدّثك أنّ يوسف أخذ علينا مواثيق الله أن لا نخرج من مصر حتّى ننقل عظامه معنا! قال : وأيّكم يدري أين قبر يوسف؟ قالوا : ما ندري إلّا عجوز بني إسرائيل ، فأرسل إليها فقال : دلّيني على قبر يوسف ، فقالت : حتّى أكون معك في الجنّة! فأجابها على ذلك ، فأتت بحيرة فقالت انضبوا هذا الماء!! فلمّا نضبوه (٥) قالت احفروا هاهنا ، فلمّا حفروا إذا عظام يوسف ، فلمّا أقلّوها من الأرض ، فإذا الطريق مثل ضوء النهار».
قال الحاكم : هذا حديث صحيح ولم يخرجاه (أي البخاري ومسلم) (٦).
__________________
(١) ساقة الجيش : مؤخّره.
(٢) أي أعلم.
(٣) الشيات جمع الشية : وهي كلّ لون يخالف معظم لون الفرس.
(٤) البغوي ١ : ١١٤ ـ ١١٥.
(٥) يقال : نضب عنه البحر أي نزح ماؤه ونشف.
(٦) الحاكم ٢ : ٥٧١ ـ ٥٧٢.