الكتاب والرسول قال : إنّ هذا شيء ما كنت آبه له (١) أن أسأل عنه إلى يومي هذا ، من لهذا؟ قالوا : ابن عبّاس. فطوى معاوية كتاب هرقل وبعثه إلى ابن عبّاس ، فكتب إليه : إنّ القوس أمان لأهل الأرض من الغرق ، والمجرّة باب السماء الذي تشقّ منه ، وأمّا البقعة التي لم تصبها الشمس إلّا ساعة من نهار ، فالبحر الذي أفرج عن بني إسرائيل (٢).
[٢ / ١٨١٣] وأخرج ابن جرير عن محمّد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شدّاد بن الهاد ، قال : لقد ذكر لي أنّه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دهم (٣) الخيل سوى ما في جنده من شهب (٤) الخيل ؛ وخرج موسى ، حتّى إذا قابله البحر ولم يكن له عنه منصرف ، طلع فرعون في جنده من خلفهم ، (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ). قال موسى : (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٥) أي للنجاة ، وقد وعدني ذلك ولا خلف لوعده (٦).
[٢ / ١٨١٤] وعن ابن إسحاق ، قال : أوحى الله إلى البحر فيما ذكر : إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له ، قال : فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من الله وانتظار أمره ، فأوحى الله ـ جلّ وعزّ ـ إلى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ)(٧) فضربه بها وفيها سلطان الله الذي أعطاه ، (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)(٨) أي كالجبل على يبس من الأرض. يقول الله لموسى : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى)(٩) فلمّا استقرّ له البحر على طريق قائمة يبس سلك فيه موسى ببني إسرائيل ، وأتبعه فرعون بجنوده (١٠).
[٢ / ١٨١٥] وعن محمّد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن شدّاد بن الهاد الليثي ، قال : حدّثت أنّه لمّا
__________________
(١) أبه له : تفطّن. آبه : مخفّف أأبه أي أتفطّن له.
(٢) الدرّ ١ : ١٦٧ ؛ الكبير ١٠ : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ / ١٠٥٩١ ؛ الحلية ١ : ٣٢٠ ؛ مجمع الزوائد ٩ : ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ؛ الثعلبي ١ : ١٩٣ ، بلفظ : قال سعيد بن جبير : أرسل معاوية إلى ابن عبّاس فسأله عن مكان لم تطلع فيه الشمس إلّا مرّة واحدة؟ فكتب إليه : إنّه المكان الذي انفلق منه البحر لبني إسرائيل.
(٣) الدهم : جمع أدهم ، وهو من الخيل الأسود.
(٤) الشهب : جمع أشهب ، وهو من الخيل المختلط بياضه بالسواد ، وكانت في الأصل : «من ماشية الخيل».
(٥) الشعراء ٢٦ : ٦١ ـ ٦٢.
(٦) الطبري ١ : ٣٩٣ / ٧٦٠.
(٧) الشعراء ٢٦ : ٦٣.
(٨) الشعراء ٢٦ : ٦٣.
(٩) طه ٢٠ : ٧٧.
(١٠) الطبري ١ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤ / ٧٦١ ؛ تاريخ الطبري ١ : ٢٩٥ ـ ٢٩٦.