داوود عليهالسلام : «إلهي كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلّا بنعمتك؟ فأوحى الله ـ تعالى ـ إليه : ألست تعلم أنّ الّذي بك من النعم منّي؟ قال : بلى يا ربّ ، قال : أرضى بذلك لك شكرا» (١).
[٢ / ١٨٥٢] وقال وهب : وكذلك قال موسى : «يا ربّ أنعمت عليّ بالنعم السوابغ وأمرتني بالشكر لك عليها ، وإنّما شكري لكلّ نعمة منك عليّ! فقال الله : يا موسى تعلّمت العلم الذي لا يفوته علم ، حسبي من عبدي أن يعلم أنّ ما به من نعمة فهو منّي ومن عندي».
قال الجنيد : حقيقة الشكر : العجز عن الشكر.
[٢ / ١٨٥٣] وروي ذلك عن داوود عليهالسلام «أنّه قال : سبحان من جعل اعتراف العبد بالعجز عن شكره شكرا ، كما جعل اعترافه بالعجز عن معرفته معرفة».
وقال بعضهم : الشكر أن لا يرى النعمة البتّة بل يرى المنعم.
قال أبو عثمان الخيري : صدق الشكر ، أن لا تمدح بلسانك غير المنعم.
قال أبو عبد الرحمان السلمي عن أبي بكر الرازي عن الشبلي : الشكر ، التواضع تحت رؤية المنّة.
وقيل : الشكر خمسة أشياء : مجانبة السيّئات ، والمحافظة على الحسنات ، ومخالفة الشهوات ، وبذل الطاعات ، ومراقبة ربّ السماوات.
قال الثعلبي : سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سئل أبو الحسن علي بن عبد الرحيم القنّاد في الجامع بحضرة أبي بكر بن عبدوس وأنا حاضر : من أشكر الشاكرين؟ قال : الطاهر من الذنوب ، يعدّ نفسه من المذنبين ، والمجتهد في النوافل بعداد الفرائض ، يعدّ نفسه من المقصّرين ، والراضي بالقليل من الدّنيا ، يعدّ نفسه من المفلسين ، فهذا أشكر الشاكرين.
ونقل بكر بن عبد الرحمان عن ذي النّور قال : الشكر لمن فوقك بالطاعة ، ولنظيرك بالمكافأة ، ولمن دونك بالإحسان والإفضال (٢).
[٢ / ١٨٥٤] وقال الرّماني : الشكر هو الإظهار للنعمة (٣).
__________________
(١) الشكر لله : ٦٧ / ٥ ؛ الدرّ ٥ : ٢٢٩.
(٢) الثعلبي ١ : ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٣) التبيان ١ : ٢٤٠.