وهو فى مذهبه بمنزلة المدعوّ (١) تقول : يا عمرو والصّلت أقبلا. فتجعل الصلت تابعا لعمرو وفيه الألف واللام ؛ لأنك نويت به أن يتبعه (٢) بلا نيّة «يا» فى الألف واللام. فإن نويتها قلت : يا زيد ويا أيها الصّلت أقبلا. فإن حذفت «يا أيها» وأنت تريدها نصبت ؛ كقول الله عزوجل (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) (٣) نصب الطير على جهتين : على نيّة النداء المجدّد له إذ لم يستقم دعاؤه بما دعيت به الجبال ، وإن شئت أوقعت عليه فعلا : وسخرنا له (الطَّيْرَ) فتكون النية على سخرنا. فهو فى ذلك متبع ؛ كقول الشاعر :
ورأيت زوجك فى الوغى |
|
متقلّدا سيفا ورمحا (٤) |
وإن شئت رفعت بعض (٥) التبرئة ونصبت بعضا ، وليس من قراءة القراء ولكنه يأتى فى الأشعار ؛ قال أميّة :
فلا لغو ولا تأثيم فيها |
|
وما فاهوا به لهم مقيم (٦) |
وقال الآخر (٧) :
ذاكم ـ وجدّكم ـ الصّغار بعينه |
|
لا أمّ لى إن كان ذاك ولا أب |
__________________
(١) أي المنادى.
(٢) فى أ. «تتبعه».
(٣) آية ١٠ سورة سبأ.
(٤) فالتقدير : وحاملا رمحا ؛ لأن الرمح لا يتقلد وإنما يتقلد السيف. والبيت ورد فى اللسان (قلد) غير معزوّ. وفيه : «يا ليت» فى مكان : «رأيت».
(٥) قوله : بعض التبرئة يعنى ما بعد لا التبرئة.
(٦) هذا من قصيدة يذكر فيها أوصاف الجنة وأهلها وأحوال يوم القيامة ، وأوّلها :
سلامك ربنا فى كل فجر |
|
بريئا ما تليق بك الذموم |
وانظر العيني على هامش الخزانة ٢ / ٣٤٦.
(٧) هو رجل من مذحج عند سيبويه ١ / ٣٥٢.
وقيل فى نسبته غير ذلك. وانظر العيني على هامش الخزانة ٢ / ٣٣٩. وكان لقائل هذا الشعر أخ يسمى جندبا ، وكان أهله يؤثرونه عليه ويفضلونه ، فأنف من ذلك وقال هذه.