فى المعنى ماض. فإذا كان الفعل الذي قبل حتى لا يتطاول وهو ماض رفع الفعل بعد حتّى إذا كان ماضيا.
فأمّا الفعل الذي يتطاول وهو ماض فقولك : جعل فلان يديم النظر حتى يعرفك ؛ ألا ترى أن إدامة النظر تطول. فإذا طال ما قبل حتّى ذهب بما بعدها إلى النصب إن كان ماضيا بتطاوله. قال : وأنشدنى [بعض العرب وهو] (١) المفضّل :
مطوت بهم حتّى تكلّ غزاتهم |
|
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (٢) |
فنصب (تكلّ) والفعل الذي أدّاه قبل حتّى ماض ؛ لأنّ المطو بالإبل يتطاول حتى تكلّ عنه. ويدلّك على أنه ماض أنك تقول : مطوت بهم حتى كلّت غزاتهم.
فبحسن (٣) فعل مكان يفعل تعرف الماضي من المستقبل. ولا يحسن مكان المستقبل فعل ؛ ألا ترى أنك لا تقول : أضرب زيدا حتى أقرّ ، لأنك تريد : حتى يكون ذلك منه.
وإنما رفع مجاهد لأنّ فعل يحسن فى مثله من الكلام ؛ كقولك : زلزلوا حتى قال الرسول. وقد كان الكسائىّ قرأ بالرفع دهرا ثم رجع إلى النصب. وهى فى قراءة عبد الله : «وزلزلوا ثم زلزلوا ويقول الرسول» وهو دليل على معنى النصب.
__________________
(١) زيادة فى أ.
(٢) البيت لامرئ القيس : المطو : الجدّ والنجاء فى السير. والغزاة جمع غاز ، والذي فى ديوانه : حتى تكل مطيهم ، والذي فى اللسان فى (مطا) : «غريهم» بالراء وهو تحريف صوابه : «غزيهم» بالزاي كما فى اللسان (غزا) والغزىّ : الغزاة. وأراد بقوله : ما يقدن إلخ أن الجياد بلغ بها الإعياء أشدّه فعجزت عن السير.
(٣) فى الأصول : «فيحسن» وهو تحريف.