«إلا أن يظنّا ألّا يقيما حدود الله» والخوف والظنّ متقاربان فى كلام العرب. من (١) ذلك أن الرجل يقول : قد خرج عبدك بغير إذنك ، فتقول أنت : قد ظننت ذاك ، وخفت ذاك ، والمعنى واحد. وقال الشاعر :
أتانى كلام عن نصيب يقوله |
|
وما خفت يا سلّام أنك عائبى (٢) |
وقال الآخر :
إذا مت فادفنّى إلى جنب كرمة |
|
تروّى عظامى بعد موتى عروقها |
[ولا تدفننّى فى الفلاة فإننى |
|
أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها] (٣) |
والخوف فى هذا الموضع كالظنّ. لذلك رفع «أذوقها» كما رفعوا (٤) (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (٥) وقد روى عنه صلىاللهعليهوسلم (أمرت بالسواك (٦) حتى خفت لأدردنّ (٧)) كما تقول : ظنّ ليذهبنّ.
وأما ما قال حمزة فإنه إن كان أراد اعتبار قراءة عبد الله فلم يصبه ـ والله أعلم ـ لأن الخوف إنما وقع على (أن) وحدها إذ قال : ألا يخافوا أن لا ، وحمزة قد أوقع الخوف على الرجل والمرأة وعلى أن (٨) ؛ ألا ترى أن اسمهما فى الخوف مرفوع بما لم يسمّ فاعله. فلو أراد ألّا يخافا على هذا ، أو يخافا بذا ، أو من ذا ، فيكون على غير
__________________
(١) فى ش ، ج : «فى» وهو تحريف.
(٢) كذا فى ش. وفى ج «عاينى».
(٣) سقط هذا البيت فى ش ، ج ، ولا بد منه لأنه موضع الشاهد. وهما لأبى محجن الثقفي.
(٤) أي القراء.
(٥) آية ٧١ سورة المائدة.
(٦) فى ج : «بالسؤال» وما هنا عن ش. ويبدو فيه أثر الإصلاح.
(٧) الدرد : ذهاب الأسنان. ولفظ الحديث فى الجامع الصغير : «أمرت بالسواك حتى خفت على أسنانى».
(٨) يريد أنه على قراءة حمزة (يخافا ألا يقيما) ببناء الفعل للمفعول يكون الفعل قد عمل فى نائب الفاعل : وفى أن ومعمولها ، وكأن الفعل قد عمل فى أكثر من معمول واحد الرفع ، وهذا غير مألوف إلا على وجه التبعية. والنحويون يصححون هذا الوجه بأن يكون (ألا يقيما) بدل اشتمال من نائب الفاعل.