أراد : ليس بالسيف ضارب ، ولو لم يرد (ليس) لم يجز الكلمة ؛ لأن الباء من صلة (ضارب) ولا تقدّم صلة اسم قبله ؛ ألا ترى أنك لا تقول : ضربت بالجارية كفيلا ، حتى تقول : ضربت كفيلا بالجارية. وجاز أن تقول : ليس بالجارية كفيل ؛ لأن (ليس) نظيرة ل (ما) ؛ لأنها لا ينبغى لها أن ترفع الاسم كما أن (ما) لا ترفعه.
وقال الكسائي فى إدخالهم (أن) فى (مالك) : هو بمنزلة قوله : «ما لكم فى ألا تقاتلوا» ولو كان ذلك على ما قال لجاز فى الكلام أن تقول : مالك أن قمت ، وما لك أنك قائم ؛ لأنك تقول : فى قيامك ، ماضيا ومستقبلا ، وذلك غير جائز ؛ لأن المنع إنما يأتى بالاستقبال ؛ تقول : منعتك أن تقوم ، ولا تقول : منعتك أن قمت. فلذلك جاءت فى (مالك) فى المستقبل ولم تأت فى دائم ولا ماض. فذلك شاهد على اتفاق معنى مالك وما منعك. وقد قال بعض النحويين : هى مما أضمرت فيه الواو ، حذفت من نحو قولك فى الكلام : مالك ولأن تذهب إلى فلان؟ فألقى الواو منها ؛ لأن (أن) حرف ليس بمتمكن فى الأسماء.
فيقال : أ تجيز أن أقول : مالك أن تقوم ، ولا أجيز : مالك القيام [فقال] (١) : لأن القيام اسم صحيح و (أن) اسم ليس بالصحيح. واحتجّ بقول العرب : إياك أن تتكلم ، وزعم أن المعنى إياك وأن تتكلم. فردّ ذلك عليه أن العرب تقول : إياك بالباطل أن تنطق ، فلو كانت الواو مضمرة فى (أن) لم يجز لما بعد الواو من الأفاعيل أن تقع على ما قبلها ؛ ألا ترى أنه غير جائز أن تقول : ضربتك بالجارية وأنت كفيل ، تريد : وأنت كفيل بالجارية ، وأنك تقول : رأيتك وإيّانا تريد ، ولا يجوز رأيتك إيّانا وتريد ؛ قال الشاعر :
فبح بالسرائر فى أهلها |
|
وإيّاك فى غيرهم أن تبوحا |
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.