يجعل ما الأولى جحدا والثانية فى مذهب الذي. [وكذلك لو قال : من من عندك؟ جاز ؛ لأنه جعل من الأول استفهاما ، والثاني على مذهب الذي] (١). فإذا اختلف معنى الحرفين جاز الجمع بينهما.
وأمّا قول الشاعر :
كم نعمة كانت لها كم كم وكم
إنما هذا تكرير حرف ، لو وقعت (٢) على الأوّل أجزأك من الثاني. وهو كقولك للرجل : نعم نعم ، تكررها ، أو قولك : اعجل اعجل ، تشديدا للمعنى. وليس هذا من البابين الأولين فى شىء. وقال الشاعر : (٣)
هلّا سألت جموع كن |
|
دة يوم ولّوا أين أينا |
وأمّا قوله : (لم أره منذ يوم يوم) فإنه ينوى بالثاني غير اليوم الأوّل ، إنما هو فى المعنى : لم أره (٤) منذ يوم تعلم. وأمّا قوله :
نحمى حقيقتنا وبع |
|
ض القوم يسقط بين بينا (٥) |
فإنه أراد : يسقط هو لا بين هؤلاء ولا بين هؤلاء. فكان اجتماعهما فى هذا الموضع بمنزلة قولهم : هو جارى بيت بيت ، ولقيته كفّة كفّة (٦) ؛ لأن الكفّتين واحدة منك وواحدة منه. وكذلك هو جارى بيت بيت معناه : بيتي وبيته لصيقان.
__________________
(١) زيادة فى ج.
(٢) كذا. والأنسب : «وقفت».
(٣) هو عبيد بن الأبرص يقوله فى أبيات يردّ بها على إمرئ القيس بن حجر ، وكان توعد بنى أسد قوم عبيد إذ قتلوا أبا امرئ القيس. وكندة قوم امرئ القيس. وانظر الأغانى (بولاق) ١٩ / ٨٥
(٤) من ذلك قول الفرزدق :
ولو لا يوم يوم ما أردنا |
|
لقاءك والقروض لها جزاء |
قال الشنتمرى «أي لو لا نصرنا لك فى اليوم الذي تعلم ...» وانظر الكتاب ٢ / ٥٣
(٥) من قصيدة عبيد التي منها البيت السابق. وحقيقة الرجل ما يحق عليه أن يحميه كالأهل والولد.
(٦) أي كفاحا ومواجهة.