وقوله : (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) إلى الحاكم.
(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً) ترفع وتنصب (١). فإن شئت جعلت (تُدِيرُونَها) فى موضع (٢) نصب فيكون لكان مرفوع ومنصوب. وإن شئت جعلت (تُدِيرُونَها) فى موضع رفع (٣). وذلك أنه (٤) جائز فى النكرات أن تكون أفعالها تابعة لأسمائها ؛ لأنك تقول : إن كان أحد صالح ففلان ، ثم تلقى (أحدا) فتقول : إن كان صالح ففلان ، وهو غير موقّت (٥) فصلح نعته مكان اسمه ؛ إذ كانا جميعا غير معلومين ، ولم يصلح ذلك فى المعرفة ؛ لأن المعرفة موقّتة معلومة ، وفعلها (٦) غير موافق للفظها ولا لمعناها.
فإن قلت : فهل يجوز أن تقول : كان أخوك القاتل ، فترفع ؛ لأن الفعل معرفة والاسم معرفة فترفعا (٧) للاتفاق إذا كانا معرفة كما ارتفعا للاتفاق فى النكرة؟
قلت : لا يجوز ذلك من قبل أن نعت المعرفة دليل عليها إذا حصّلت (٨) ، ونعت النكرة متّصل بها كصلة الذي. وقد أنشدنى المفضّل الضّبىّ :
أفاطم إنى هالك فتبيّنى |
|
ولا تجزعى كلّ النساء يئيم |
ولا أنبأن بأنّ وجهك شانه |
|
خموش وإن كان الحميم الحميم (٩) |
__________________
(١) النصب قراءة عاصم ، وقرأ عامة القراء بالرفع.
(٢) أي على قراءة النصب إذ تكون الجملة صفة لتجارة المنصوبة خبرا ، واسمها مستتر أي المعاملة والتجارة.
(٣) أي على أن الجملة صفة لتجارة المرفوعة فاعلا لكان التامة.
(٤) سقط فى ج.
(٥) يريد بالموقت المعرفة.
(٦) يريد بالفعل هنا الصفة.
(٧) أي المعرفتان : وفى ح : «فترتفعا».
(٨) أي قومت. وفى ش ، ح : «جعلت» ويبدو أنه تحريف عما أثبتنا.
(٩) يقال خمشت المرأة وجهها إذا خدشته ، ويكون ذلك عند الحزن ، والحميم : القريب.
ينهاها عن الحزن ومظاهره على ميت ، وإن كان حميما لها قريبا.