يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) (١) ومن قال (تكون ميتة) جاز فيه الرفع والنصب. وقلت (تكون) لتأنيث الميتة ، وقوله (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) (٢) فإن قلت : إن المثقال ذكر فكيف قال (تكن) (٣)؟ قلت : لأن المثقال أضيف إلى الحبّة وفيها المعنى ؛ كأنه قال : إنها إن تك حبّة ؛ وقال الشاعر :
على قبضة مرجوّة ظهر كفّه |
|
فلا المرء مستحى ولا هو طاعم |
لأنه ذهب إلى الكفّ ؛ ومثله قول الآخر (٤) :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته |
|
كما شرقت صدر القناة من الدم |
وقوله :
أبا عرو لا تبعد فكلّ ابن حرّة |
|
ستدعوه داعى موتة فيجيب (٥) |
فأنّث فعل الداعي وهو ذكر ؛ لأنه ذهب إلى الموتة. وقال الآخر (٦) :
قد صرّح السير عن كتمان وابتذلت |
|
وقع المجاجن بالمهريّة الذّقن (٧) |
فأنث فعل الوقع وهو ذكر ؛ لأنه ذهب إلى المحاجن.
وقوله (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) أي لا يدع كاتب وهو مشغول ، ولا شهيد.
__________________
(١) آية ١٤٥ سورة الأنعام.
(٢) آية ١٦ سورة لقمان. قرئ مثقال حبة بالرفع والنصب.
(٣) أي التي هى أصل تك ، فحذفت منها النون.
(٤) هو الأعشى ميمون يقوله فى عمير ـ وهو جهام ـ وكان بينهما عداوة. وانظر الصبح المنير ٩٤ ، والكتاب ١ / ٢٥. وفى الشنتمرى فى حاشيته أن الأعشى يخاطب يزيد بن مسهر الشيباني ، وهو خلاف ما ذكرناه.
(٥) ذكره فى الخزانة ١ / ٣٧٧ ولم يعزه.
(٦) هو تميم بن أبى بن مقبل.
(٧) كتمان : اسم موضع ، وقيل : اسم جبل. والذقن جمع الذقون ، وهى من الإبل : التي تميل ذقنها إلى الأرض ، تستعين بذلك على السير ، وقيل هى السريعة. أي ابتذلت المهرية ـ وهى المنسوبة إلى مهرة ـ الذقن بوقع المحاجن فيها تستحث على السير ، فقلبه وأنث ، وقوله ، «صرح السير عن كتمان» أي كشف السير عن هذا المكان.