الصلة ؛ فيجوز فيما بعدها الرفع على أنه صلة ، والخفض على إتباع الصلة لما قبلها ؛ كقول الشاعر :
فكفى بنا فضلا على من غيرنا |
|
حبّ النبىّ محمد إيانا (١) |
وترفع (غير) إذا جعلت صلة بإضمار (هو) ، وتخفض على الاتباع لمن ، وقال الفرزدق :
إنى وإياك إن بلّغن أرحلنا |
|
كمن بواديه بعد المحل ممطور (٢) |
فهذا مع النكرات ، فإذا كانت الصلة معرفة آثروا الرفع ، من ذلك (فَبِما نَقْضِهِمْ) لم يقرأه أحد برفع ولم نسمعه. ولو قيل جاز. وأنشدونا بيت عدىّ (٣) :
لم أر مثل الفتيان فى غير ال |
|
أيام ينسون ما عواقبها |
والمعنى : ينسون عواقبها صلة لما. وهو مما أكرهه ؛ لأن قائله يلزمه أن يقول : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) (٤) فأكرهه لذلك ولا أردّه. وقد جاء ، وقد وجّهه بعض النحويين إلى : ينسون أىّ شىء (٥) عواقبها ، وهو جائز ، والوجه الأوّل أحبّ إلىّ. والقرّاء لا تقرأ بكل ما يجوز فى العربية ، فلا يقبحنّ عندك تشنيع مشنّع مما لم يقرأه القرّاء مما يجوز.
__________________
(١) انظر ص ٢١ من هذا الجزء.
(٢) من قصيدة له يمدح فيها يزيد بن عبد الملك ابن مروان. فقوله «وإياك» خطاب ليزيد. أي إن بلغتك الإبل أرحلنا وأوصلتنا إليك عمنا الخير وفارقنا البؤس كمن مطر واديه بعد المحل. وانظر كتاب سيبويه ١ / ٢٦٩.
(٣) أي عدى بن زيد. وبعد البيت الشاهد :
يرون إخوانهم ومصرعهم |
|
وكيف تعتاقهم مخالبها |
وغير الأيام صروفها وحوادثها المتغيرة. وانظر الخزانة ٢ / ٢١ ، وأمالى ابن الشجري ١ / ٧٤.
(٤) آية ٢٨ سورة القصص.
(٥) يريد أن بعض النحويين جعل (ما) فى بيت عدىّ استفهامية لا موصولا ، فعواقبها خبر (ما) وليست صلة. وهو غير ما أسلفه.