فقد يكون رفع الكثير من جهتين ؛ إحداهما أن تكرّ (١) الفعل عليها ؛ تريد : عمى وصمّ كثير منهم ، وإن شئت جعلت (عَمُوا وَصَمُّوا) فعلا للكثير ؛ كما قال الشاعر (٢) :
يلوموننى فى اشترائى النخي |
|
ل أهلى فكلّهم ألوم |
وهذا لمن قال : قاموا قومك. وإن شئت جعلت الكثير مصدرا فقلت أي ذلك كثير منهم (٣) ، وهذا وجه ثالث. ولو نصبت (٤) على هذا المعنى كان صوابا. ومثله قول الشاعر (٥).
وسوّد ماء المرد فاها فلونه |
|
كلون النؤور وهى أدماء سارها |
ومثله قول الله تبارك وتعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٦) إن شئت جعلت (وأسرّوا) فعلا لقوله «لاهية قلوبهم وأسرّوا النجوى» ثم تستأنف (الذين)
__________________
(١) يريد أن يكون بدلا من الفاعل فى (عموا وصموا).
(٢) هو أحيحة بن الجلاح. وكان قومه لاموه فى اشتراء النخل. وقوله : «اشترائى» كذا فى ش ، ج. ويروى : «اشتراء» وقوله : «ألوم» هكذا فى ش ، ج. ورواية البيت هكذا لم يلاحظ فيها الشعر الذي هذا البيت منه. وإلا فهو فيه : «يعذل» فإن قافيته لامية. وبعده :
وأهل الذي باع يلحونه |
|
كما لحى البائع الأول |
(٣) فيكون «كثير» خبر مبتدأ محذوف هو «ذلك» وهو العمى والصم. وبقدّره بعضهم : «العمى والصم».
(٤) وبه قرأ ابن أبى عبلة ؛ كما فى البحر ٣ / ٥٣٤.
(٥) هو أبو ذؤيب الهذلىّ. والبيت فى وصف ظبية. والمرد : الغض من ثمر الأراك ، والنئور : النيلج ، وهو دخان الشحم ، يعالج به الوشم فيخضر. وسارها أي سائرها. والأدماء من الأدمة ، وهى فى الظباء لون مشرب بياضا.
(٦) آية ٣ سورة الأنبياء.