قد عوّنت. والفارض : قد فرضت ، وبعضهم : قد فرضت (وأما البكر فلم (١)) نسمع فيها بفعل. والبكر يكسر أوّلها إذا كانت بكرا من النّساء (٢). والبكر مفتوح أوّله من بكارة الإبل. ثم قال (بَيْنَ ذلِكَ) و (بَيْنَ) لا تصلح إلّا مع اسمين فما زاد ، وإنّما صلحت مع (ذلِكَ) وحده ؛ لأنّه فى مذهب اثنين ، والفعلان قد يجمعان ب «ذلك» و «ذاك» ؛ ألا ترى أنّك تقول : أظنّ زيدا أخاك ، وكان زيد أخاك ، فلا بدّ لكان من شيئين ، ولا بدّ لأظن من شيئين (٣) ، ثم يجوز أن تقول : قد كان ذاك ، وأظنّ ذلك. وإنما المعنى فى الأسمين اللذين ضمّهما ذلك : بين الهرم والشّباب. ولو قال فى الكلام : بين هاتين ، أو بين تينك ، يريد الفارض والبكر كان صوابا ، ولو أعيد ذكرهما (٤) (لم يظهر إلا بتثنية) (٥) ؛ لأنهما اسمان ليسا بفعلين ، وأنت تقول فى الأفعال فتوحّد فعلهما بعدها. فتقول : إقبالك وإدبارك يشقّ علىّ ، ولا تقول : أخوك وأبوك يزورنى. ومما يجوز أن يقع عليه (بَيْنَ) وهو واحد فى اللّفظ مما يؤدّى عن الاثنين (٦) فما زاد قوله : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) (٧) ولا يجوز : لا نفرق بين رجل منهم ؛ لأنّ أحدا لا يثنّى كما يثنى الرجل ويجمع ، فإن شئت جعلت أحدا فى تأويل اثنين ، وإن شئت فى تأويل أكثر ؛ من ذلك قول الله عزوجل : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٨) وتقول : بين أيّهم المال؟ وبين من قسم المال؟ فتجرى «من» و «أى». مجرى (٩) أحد ؛ لأنّهما قد يكونان لواحد ولجمع.
__________________
(١) فى ش ، ج : «ولم».
(٢) فى ج ، ش : «من الجواري».
(٣) فى ج ، ش : «بين هاتين من شيئين». ولا وجه له.
(٤) أي ضميرهما.
(٥) فى ج ، ش : «لم تكن إلا بتثنية».
(٦) ساقط من ج.
(٧) آية ١٢٦ سورة البقرة.
(٨) آية ٤٧ سورة الحاقة.
(٩) فى ش ، ج : «على مجرى».