(لا تَعْبُدُونَ) جوابا لليمين ؛ لأنّ أخذ الميثاق يمين ، فتقول : لا يعبدون ، ولا تعبدون ، والمعنى واحد. وإنّما جاز أن تقول لا يعبدون ولا تعبدون وهم غيّب كما قال : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) سيغلبون» (١) و (سَتُغْلَبُونَ) بالياء والتاء ؛ «سيغلبون» بالياء على لفظ الغيب ، والتّاء على المعنى ؛ لأنّه إذا أتاهم أو لقيهم صاروا مخاطبين (٢). وكذلك قولك : استحلفت عبد الله ليقومنّ ؛ لغيبته ، واستحلفته لتقومنّ (لأنى) (٣) قد كنت خاطبته. ويجوز فى هذا استحلفت عبد الله لأقومنّ ؛ أي قلت له : احلف لأقومنّ ، كقولك : قل لأقومنّ (٤). فإذا قلت : استحلفت فأوقعت فعلك على مستحلف جاز فعله أن يكون بالياء والتاء والألف ، وإذا كان هو حالفا وليس معه مستحلف كان بالياء وبالألف ولم يكن بالتاء ؛ من ذلك حلف عبد الله ليقومنّ فلم يقم ، وحلف عبد الله لأقومنّ ؛ لأنّه كقولك قال لأقومنّ ، ولم يجز بالتّاء ؛ لأنّه لا يكون مخاطبا لنفسه ؛ لأنّ التاء لا تكون إلّا لرجل تخاطبه ، فلما لم يكن مستحلف سقط الخطاب. وقوله : (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) (٥) فيها ثلاثة أوجه : «لتبيّتنّه» و «ليبيّتنّه» و (لَنُبَيِّتَنَّهُ) بالتاء والياء والنون. إذا جعلت (تَقاسَمُوا) على وجه فعلوا (٦) ، فإذا جعلتها فى موضع جزم (٧) قلت : تقاسموا لتبيتنه ولنبيتنه ، ولم يجز بالياء ، ألا ترى أنّك تقول للرجل : أحلف لتقومنّ ، أو احلف لأقومنّ ، كما تقول : قل لأقومنّ. ولا يجوز أن تقول للرّجل احلف ليقومنّ ، فيصير كأنّه لآخر ، فهذا ما فى اليمين.
__________________
(١) آية ١٢ سورة آل عمران.
(٢) فى أ : «الذي تلقاهم به فصاروا مخاطبين».
(٣) كذا فى الأصول ، وفى الطبري : «لأنك» ولكل وجه.
(٤) وجدت العبارة الآتية بهامش نسخة (أ) ولم يشر إلى موضعها : «ولا يجوز احلف لأقومنّ ، ولكن احلف لتقومنّ ، وقل لأقومنّ».
(٥) آية ٤٩ سورة النمل.
(٦) أي فعلا ماضيا فى معنى الحال كأنه قال : قالوا متقاسمين بالله.
(٧) أي فعل أمر ؛ أي قال بعضهم لبعض احلفوا.