وإذا كان الموضع فيه ما يكون معناه معنى القول ثم ظهرت فيه أن فهى منصوبة الألف. وإذا لم يكن ذلك الحرف يرجع إلى معنى القول سقطت أن من الكلام.
فأمّا الذي يأتى بمعنى القول فتظهر فيه أن مفتوحة فقول الله تبارك وتعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) (١) جاءت أن مفتوحة ؛ لأن الرسالة قول. وكذلك قوله (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ. أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا) (٢) والتخافت قول. وكذلك كلّ ما كان فى القرآن. وهو كثير. منه قول الله (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) (٣). ومثله : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ [عَلَى الظَّالِمِينَ]) (٤) الأذان قول ، والدعوى قول فى الأصل.
وأمّا ما ليس فيه معنى القول فلم تدخله أن فقول الله (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا) (٥) فلمّا لم يكن فى (أَبْصَرْنا) كلام يدلّ على القول أضمرت القول فأسقطت أن ؛ لأن ما بعد القول حكاية لا تحدث معها أن. ومنه قول الله (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) (٦). معناه : يقولون أخرجوا. ومنه قول الله تبارك وتعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا). معناه يقولان (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) وهو كثير. فقس بهذا ما ورد عليك.
__________________
(١) آية ١ سورة نوح.
(٢) آية ٢٣ ـ ٢٤ سورة القلم.
(٣) آية ١٠ سورة يونس.
(٤) آية ٤٤ سورة الأعراف.
(٥) آية ١٢ سورة السجدة.
(٦) آية ٩٣ سورة الأنعام.