فإذا كانت جزاء جزمت الفعلين : الفعل الذي مع أينما وأخواتها ، وجوابه ؛ كقوله (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ) (١) فإن أدخلت الفاء فى الجواب رفعت الجواب ؛ فقلت فى مثله من الكلام : أينما تكن فآتيك. كذلك قول الله ـ تبارك وتعالى ـ (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ).
فإذا كانت استفهاما رفعت الفعل الذي يلى أين وكيف ، ثم تجزم الفعل الثاني ؛ ليكون جوابا للاستفهام ، بمعنى الجزاء ؛ كما قال الله تبارك وتعالى : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢) ثم أجاب الاستفهام بالجزم ؛ فقال ـ تبارك وتعالى ـ (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (٣).
فإذا أدخلت فى جواب الاستفهام فاء نصبت كما قال الله ـ تبارك وتعالى ـ (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ) (٤) فنصب. فإذا جئت إلى العطوف التي تكون فى الجزاء وقد أجبته بالفاء كان لك فى العطف ثلاثة أوجه ؛ إن شئت رفعت العطف ؛ مثل قولك : إن تأتنى فإنى أهل ذاك ، وتؤجر وتحمد ، وهو وجه الكلام. وإن شئت جزمت ، وتجعله كالمردود على موضع الفاء. والرفع على ما بعد الفاء. وقد قرأت القرّاء (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ) (٥). رفع وجزم. وكذلك (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ
__________________
(١) آية ١٤٨ سورة البقرة.
(٢) آية ١٠ سورة الصف.
(٣) آية ١٢ سورة الصف.
(٤) آية ١٠ سورة المنافقين. وقد عدّ لو لا فى أدوات الاستفهام ، وهذا المعنى ذكره الهروي ، كما فى المغني ، ومثل له بالآية. وقال الأمير فى كتابته على المغني : «الاستفهام هنا بعيد جدّا» أي والقريب فى الآية معنى العرض أو التحضيض.
(٥) آية ١٨٦ سورة الأعراف.