وهى تراد ؛ لكثرة ما تنقص وتزاد فى الكلام ؛ ألا ترى أنهم يكتبون «الرحمن» وسليمن بطرح الألف والقراءة بإثباتها ؛ فلهذا جازت. وقد أسقطت الواو من قوله (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١) ومن قوله (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) (٢) الآية ، والقراءة على نيّة إثبات الواو. وأسقطوا من الأيكة ألفين فكتبوها فى موضع ليكة (٣) ، وهى فى موضع آخر الأيكة (٤) ، والقرّاء (٥) على التمام ، فهذا شاهد على جواز «وأكون من الصّالحين».
وقال بعض الشعراء (٦) :
فأبلونى بليّتكم لعلّى |
|
أصلكم وأستدرج نويّا |
فجزم (وأستدرج) ، فإن شئت رددته إلى موضع الفاء المضمرة فى لعلّى ، وإن شئت جعلته فى موضع رفع فسكّنت الجيم لكثرة توالى الحركات. وقد قرأ بعض القراء (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) بالجزم وهم ينوون الرفع ، وقرءوا (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) والرفع أحبّ إلىّ من الجزم.
__________________
(١) آية ١٨ سورة القلم.
(٢) آية ١١ سورة الإسراء.
(٣) كما فى آية ١٧٦ من الشعراء ، وآية ١٣ من ض.
(٤) كما فى آية ٧٨ من الحجز ، وآية ١٤ من ق.
(٥) قرأ الحرميان : ابن كثير ونافع ، وابن عامر : ليكة بفتح اللام وسكون الياء وفتح التاء ، فى الموضعين اللذين سقط فيها الألفان ، وكأن الفرّاء ينكر هذه القراءة كما أنكرها بعض النحويين. وانظر البحر ٧ / ٣٧
(٦) هو أبو داود الإيادىّ ، كما فى الخصائص ١ / ١٧٦ ، يقوله فى قوم جاورهم فأساءوا جواره ، ثم أرادوا مصالحته. وقوله : «فأبلونى» من أبلاه إذا صنع به صنعا جميلا. والبلية اسم منه. و «نويا» يريد نواى ، والنية : الوجه الذي يقصد. و «أستدرج» : أرجع أدراجى من حيث كنت. يقول : أحسنوا الصنيع بي واجبروا ما فعلتم معى ، فقد يكون هذا حافزا لى أن أصالحكم أو أرجع إلى ما كنت عليه. وانظر التعليق على الخصائص فى الموطن السابق طبعة الدار.