الفرج يتفاوضون هذا الأمر ، فكتب محمّد بن الفرج إلى أبي يُعْلِمُهُ باجتماعهم عنده وأنّه لولا مخافةُ الشُّهرة لصار معهم إليه ، فأُحبّ أن تأتيني . فركب أبي فصار إليه وأنا معه ، فوجد القومَ مجتمعينَ عنده ، فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر ؟ فقال أبي لمن عنده الرِقاع : أحضِروا الرقاعَ ، فأحضَروها ، فقال لهم : هذا ما أُمرتُ به ، فقال بعضهم : قد كنّا نُحبّ أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر ، فقال لهم : قد آتاكم اللّه به هذا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرِسالة ، وسأله أن يشهد بما عنده ، فأنكر أحمد سماعه ، فدعاه أبي إلى المباهلة ، فخاف وشهد وقال : لقد سمعتُ ذلك ولكن هذه مَكْرمةٌ كنتُ أُحبُّ أن تكون لرجل من العرب لا لرجلٍ من العجم ، فأمّا مع المباهلة فلا طريق إلى الكتمان ، فلم يبرح القوم حتّى سلّموا الأمر إلى أبي الحسن عليهالسلام وقالوا بالحقّ جميعاً(١) .
أقول : الأخبار من هذا الباب كثيرة لا يمكن استقصاؤها ، وستأتي نبذ منها في فصل الوصيّة والفصل الحادي عشر الذي هو في التصريح بالإثني عشر وفي غيرهما أيضاً . ومرّ بعضٌ في فصول العلم والصلاح والمعجزات وغيرها .
هذا كلّه ، مع اشتراك هذا الإمام مع والده سلام اللّه عليهما في تعلّق الإمامة إليه ، وظهور وفور العلوم والمعجزات منه في صغر سنّه ، وعدم تحقّق خلاف ولا شكّ لأحد ممّن قال بإمامة أبيه وجدّه في إمامته ، بل اتّفق
____________________
(١) الكافي ١ : ٢٦٠ / ٢ (باب الإشارة والنصّ على أبي الحسن الثالث عليهالسلام ) ، الإرشاد للمفيد ٢ : ٢٩٨ ـ ٣٠٠ ، إعلام الورى ٢ : ١١١ ، كشف الغمّة ٢ : ٣٧٧ ، الصراط المستقيم ٢ : ١٦٨ ، بتفاوت فيها.