لكونهما من خوارق العادات ، فهما أولى بالذكر من سائر الصفات(١) ، ليس بمتوجّه أصلاً .
أمّا أوّلاً : فلأنّ السكوت عن وصفٍ ولو كان ممّا هو أولى بالذكر من غيره لا يقدح في صحّة ما ينطبق عليه سائر الصفات ، ومثل هذا الاستبعاد غير مضرٍّ بالمقصود عند وجود ما يدلّ عليه ؛ لاحتمال وجود مصلحة اقتضت ترك ذكر ذلك الوصف وإن لم نعلمها نحن .
وأمّا ثانياً : فلأنّ عدم النقل لا يدلّ على عدم الذكر ، ضرورة عدم إمكان الجزم بأنّ الناس نقلوا جميع ما حدّث به النبيّ صلىاللهعليهوآله وذكره في كلّ شيءٍ ، بل تتبّع ما نُقل عنه ينادي بخلاف ذلك .
وكفى في هذا وجود بعض الأشياء في نقل بعض دون بعض لا سيّما بعد ظهور صدور بعض التغيير والتحريف من الناس في النقل زيادةً ونقصاناً ، سهواً ، أو توهّماً ، أو عمداً على حسب مآربهم ، حتّى أنّه لا شكّ في كثرة وجود الأحاديث الموضوعة ، فمن لا يبالي بوضع أصل الحديث لنصرة ما يريده أيُّ مانعٍ له من إسقاط ما لا يوافقه ، فتأمّل تفهم.
وأمّا ثالثاً : فلأنّا نقول لهذا الرجل : إنّ دعواك عدم ورود ما ذكرته باطلٌ ، محضُ كذبٍ وعنادٍ ، وتمويه على الغافل الجاهل ؛ لأنّ حكاية الغيبة ممّا هو مذكور صريحاً وضمناً .
أمّا صريحاً : فلِما سيأتي هاهنا ، وفي الفصل الحادي عشر وغيره لا سيّما في المَبحثين عنه من أخبار صريحة عديدة من الفريقين عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام في أنّ من جملة صفات المهديّ عليهالسلام أنّه يغيب مدّةً مديدةً حتّى يقال : مات وهلك ، بل في بعضها تصريح بأنّ له غيبتين
____________________
(١) انظر : الصواعق المحرقة : ٢٥٦ .