ومن هذا يظهر أيضاً سخافة قوله : إنّ ما زعمه بعض الرافضة من كون رواية كون المهديّ من ولد الحسن ، وكذا رواية كون اسم والده اسم والد النبيّ صلىاللهعليهوآله وَهْماً ، محض التشهّي والجهل والجزاف ؛ إذ قد تبيّن ممّا أشرنا إليه آنفاً وجود القرائن على ما ادّعوه دون ما ادّعاه ، مع أنّهم لم يدّعوا الجزم بذلك ، بل قالوا : إنّه محتمل ، والموجّه يكفيه الاحتمال ، فإذا تطرّق الاحتمال بطل الاستدلال لا سيّما مع قيام القرائن .
ومن الغرائب أنّه لم يتفطّن بأنّه إذا عدّ كلام هؤلاء مع وجود الشواهد لهم محض التشهّي لزمه أن تكون دعواه هو بأنّ رواية : كون المهديّ من ولد الحسين عليهالسلام واهيةٌ مع وصولها إلى حدّ الاستفاضة ، بل التواتر معنىً صريحاً في كونه من التشهّي ، بل عين الجهل والجزاف .
ثمّ إنّ ما ذكره من قوله : ويردّ قول الرافضة أيضاً قول عليٍّ عليهالسلام : مولد المهديّ بالمدينة ، ومحمّد الحجّة هذا إنّما وُلد بسُرّ من رأى(١) ، فذلك أيضاً مثل غيره ؛ لأنّ الخبر الذي استند إليه ليس في كتب أحد من الإماميّة ، ولا مرويّاً من طرقهم ، ولا من أحدٍ من المعتمدين عندهم ولو من غير طائفتهم ، حتّى يمكن إلزامهم به ، بل إنّما هو نُقل من شواذّ المنقولات التي ذكرها بعض رُواة المخالفين ، ومثل هذا ليس بسالم من احتمال الوضع ، أو التوهّم ، أو نحو ذلك ، فلا يحتجّ به لا سيّما في مقابل الأخبار الآتية إلاّ متعصّب جاهل ، فافهم .
ثمّ إنّ كلامه أيضاً في أنّ المهديّ الموعود لو كان هو هذا الحجّة بن الحسن لاستبعد أن لا يخبر النبيّ صلىاللهعليهوآله في ذكر صفات المهديّ أنّه هو الذي يؤتى الحكم والإمامة صبيّاً ، وأنّ له الغيبة لا سيّما الكبيرة الطويلة جدّاً ؛
____________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢٥٥ .