الرافضة ما عليه مزيد(١) ، فجميع هذه النسبة إلى الشيعة محضُ كذبٍ وفريةٍ عليهم ، سوى أصل أنّه لمّا أرسل مرّةً طاغيةُ زمانِه أن يلزموه كان في السرداب جالساً على حصير مفروش على الماء مشغولاً(٢) بالعبادة فلم يقدروا عليه(٣) ، كما مرّ في معجزاته .
وفي نقل بعض أنّه غاب عنهم حينئذ .
وعلى أيّ تقدير لا شكّ في أنّ مذهب كافّة من قال بإمامته ـ كما سيتّضح من الأخبار التي سنذكرها ـ أنّه عليهالسلام كان زمان غيبته الصغرى ـ وهي أزيد من سبعين سنة ـ في سرّ من رأى ، وكان له في تلك المدّة سفراء ونوّاب ووكلاء في بغداد وقم وغيرهما من البلاد ، وكان يجيء إليه الأموال ، ويعطي منها من يشاء من شيعته ، وكان يصل إليه منهم مكاتبات في المطالب والمسائل ، ويخرج منه إليهم توقيعات في جواب سؤالهم ، وفي العزل والنصب وغير ذلك ، حتّى أنّ كثيراً من خواصّه كانوا قد يرونه ، ويصلون إليه ، ويتشرّفون بزيارته وخدمته إلى أن انتهى الأمر إلى الغيبة الكبرى بسبب اشتهار أمره ، بحيث اطّلع عليه الظَلَمة والأعداء ، فأخذوا في التفحّص عنه وعن أصحابه ، فخاف على نفسه وعليهم ، فغاب حينئذٍ بأمر اللّه تعالى عن الجميع بعد إخبار أصحابه بذلك ، وترك تعيين النُّوّاب والوكلاء وغيرهم ، وأمرهم بالرجوع في المسائل إلى رُواة أخباره وأخبار آبائه عليهمالسلام ، وصارت غيبته بحيث لم يدر أحدٌ بعد ذلك موضعَهُ ومحلَّ
____________________
(١) انظر : تاريخ الإسلام (حوادث ٢٥١ ـ ٢٦٠) : ١١٣ ، و(حوادث ٢٦١ ـ ٢٨٠) : ١٦١ ، وتقدّم ص ١٤٧ هامش (١) .
(٢) في «م» : «وهو مشغول» بدل «مشغولاً» .
(٣) الغيبة للطوسيّ : ٢٤٨ / ٢١٨ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٦٠ / ٥ ، كشف الغُمّة ٢ : ٤٩٩ ـ ٥٠٠ .