ومنها : تأويل قوله تعالى : (كهيعص)(١) .
ومنها : علّة عدم جواز اختيار الناس إماماً لأنفسهم ، وأمثال ذلك من المسائل الغامضة التي حلّها عليهالسلام له ، وبيّنه بمحضر أبيه عليهالسلام .
ثمّ قال عليهالسلام معجزةً وابتداءً منه : «يا سعد ، لمّا ادّعى خصمك أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ما أخرج مع نفسه أبا بكر إلى الغار إلاّ علماً منه أنّ الخلافة له من بعده ، وأنّه هو المعوّل عليه في الأُمور العظام بعده ، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته ، وإنّما أبات عليّاً عليهالسلام على فراشه ، لمّا لم يكترث له ولم يحفل به ، لعلمه أنّه إن قُتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها .
فهلاّ نقضت دعواه بقولك : أليس قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، فكان لا يجد بُدّاً من قوله لك : بلى ، فكنتَ تقول له حينئذٍ : أليس كما علم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أنّ الخلافة من بعده لأبي بكر ، علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر ، ومن بعد عمر لعثمان ، ومن بعد عثمان لعليٍّ عليهالسلام ، فكان أيضاً لا يجد بُدّاً من قوله لك : نعم ، ثمّ كنت تقول له : فكان الواجب على رسول اللّه صلىاللهعليهوآله أن يخرجهم جميعاً على الترتيب إلى الغار ، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم وتخصيصه أبا بكر بالإخراج معه دونهم» .
ثمّ قال : «لمّا قال لك : أخبرني عن الشيخين أنّهما أسلما طوعاً أو كرهاً؟ لِمَ لَم تقل له : بل أسلما طمعاً؟ وذلك لأنّهما كانا يجالسان اليهود
____________________
(١) سورة مريم ١٩ : ١ .