ثمّ أخرج صُرّة اُخرى فقال : «هذه لفلان بن فلان من محلّة كذا بقمّ ، تشتمل على خمسين ديناراً لا يحلّ لنا لمسها» ، وذكر وجه حرمته ، فقال مولانا أبو محمّد عليهالسلام : «صدقت يا بُنَيّ» ، ثمّ قال : «يا أحمد بن إسحاق ، إحملها بأجمعها لتردّها على أربابها ، فلا حاجة لنا في شيء منها ، وائتنا بثوب العجوز» وكان أحمد ناسياً أن يحمل ذلك الثوب مع الجراب ، فلمّا انصرف أحمد ليأتيه بالثوب نظر إلَيَّ مولانا أبو محمّد عليهالسلام ، فقال : «ما جاء بك يا سعد؟» فقلت : شوّقني أحمد بن إسحاق إلى لقاء مولانا ، قال : «فالمسائل التي أردتَ أن تسأل عنها» ، قلت : على حالها ، فقال : «فسَلْ قرّة عيني عنها» وأومأ إلى الغلام ، فقلت : مولانا وابن مولانا ، إنّا روينا عنكم أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى قال يوم الجمل لعائشة : «إن كففت عن هذا الفساد وإلاّ طلّقتك» ، فما معنى هذا الطلاق ؟
قال : «إنّ اللّه تعالى عظّم شأن نساءِ النبيّ صلىاللهعليهوآله فخصّهنّ بشرف الأُمّهات ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن ، إنّ هذا الشرف باقٍ لهنّ ما دمن للّه على الطاعة ، فأيّتهنّ أغضبت اللّه بعدي بالخروج عليك ، فأطلق لها في الأزواج وأسقطها من شرف أُمومة المؤمنين» .
ثمّ نقل سعد : سائر المسائل التي سأله عنها ، فأجابه بجواب كلٍّ منها حتّى بيّن جميعها له .
منها : تأويل قوله تعالى لموسى عليهالسلام : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)(١) .
____________________
(١) سورة طه ٢٠ : ١٢ .