لنا الإذن بالدخول إليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جرابٌ قد غطّاه بكساء طبريّ فيه مائة وستوّن صُرّة من الدنانير والدراهم على كلّ صُرّةٍ منها ختم صاحبها .
قال سعد : فلمّا دخلنا رأيت مولانا جالساً ووجهه كالقمر ليلة البدر وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر وعلى رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين ، فسلّمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس ، وكان يكتب شيئاً على بياض ، فلمّا فرغ من الكتابة أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه ، فنظر الإمام عليهالسلام إلى الغلام وقال له : «يا بُنيّ ، فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك» فقال : «يا مولاي ، أيجوز أن أمدّ يداً طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال) رجسة ، قد شيب حلالها بحرامها؟» فقال مولاي عليهالسلام : «يابن إسحاق ، استخرج ما في الجراب ليميّز الحلال والحرام منها» فأوّل صُرّة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : «هذه لفلان بن فلان من محلّة كذا بقمّ تشتمل على اثنين وستّين ديناراً ، وكانت إرثاً له عن أبيه (كذا ، ومن أثمان أثواب)(١) كذا ، وفيها من أُجرة الحوانيت ثلاثة دنانير ، وفيها الحرام دينار رازيّ السكّة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف ، إحدى صفحتيه نقشة وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار ، وعلّة تحريمها كذا وكذا» .
فلمّا فتح رأس الصُّرّة صادف رقعةً في وسط الدنانير باسم (من أخبر عنه)(٢) ، وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة .
____________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .
(٢) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : «صاحب الصُّرّة» .