قال : «من أين لك هذا؟» قال : من منزل بنتك فاطمة عليهاالسلام .
قال : فكان النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يطعم طعاماً منذ ثلاث ، فوثب النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى أتى إلى حجرة فاطمة وقرع الباب ، وكان لا يفتح له الباب إذا قرعه إلاّ فاطمة ، فلمّا أن فتحت الباب نظر إلى صفرة وجهها وتغيّر حدقتيها ، فقال لها : «يا بنيّة ، ما الذي أراه فيك» ، فقالت : «إنّ لنا ثلاثاً ما طعمنا طعاماً وإنّ الحسن والحسين قد اضطربا من شدّة الجوع ثمّ رقدا» .
قال : فأنبههما النبيّ صلىاللهعليهوآله وأجلس واحداً على فخذه الأيمن والآخر على فخذه الأيسر ، وأجلس فاطمة عليهاالسلام بين يديه واعتنقها النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ودخل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فاعتنق النبيّ صلىاللهعليهوآله من ورائه ، ثمّ رفع النبيّ صلىاللهعليهوآله طرفه إلى السماء فقال : «إلهي وسيّدي ومولاي ، هؤلاء أهل بيتي ، اللّهم ، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» .
قال : ثمّ وثبت فاطمة عليهاالسلام حتّى دخلت إلى مخدع لها فصلّت ركعتين ، ثمّ رفعت باطن كفّيها إلى السماء وقالت : «إلهي وسيّدي هذا محمّد نبيّك وهذا عليّ ابن عمّ نبيّك ، وهذان الحسنان سبطا نبيّك ، إلهي أنزل علينا مائدةً من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا منها وكفروا بها ، اللّهمّ أنزلها علينا فإنّا بها مؤمنون» .
قال ابن عباس : واللّه ما استتمّت الدعوة فإذا هي بصحفة من ورائها يفور قتارها ، فإذا قتارها أزكى من المسك الأذفر ، فاحتضنتها ثمّ أتت بها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّ والحسن والحسين عليهمالسلام فلمّا أن نظر إليها عليّ عليهالسلام قال لها : «يا فاطمة ، من أين لك هذا؟»(١) ولم يكن يعهد عندها شيئاً ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «كل يا أبا الحسن ، ولا تسأل ، الحمد للّه الذي لم يمتني
____________________
(١) في «م» زيادة : «قالت : هو من عند اللّه» .