ثمّ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «من يتوّج الأعرابيّ أضمن له على اللّه تاج التُقى» ، وذكر من صفته ، فنزع عليٌّ عليهالسلام عمامته فعمّم بها الأعرابيّ .
ثمّ قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «من يزوّد الأعرابيَّ وأضمن له على اللّه [عزّ وجلّ] زاد التقوى» ، فوثب سلمان إليه فقال : وما زاد التقوى؟ فوصفه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقام سلمان ومضى إلى بيوت النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى طاف تسعة أبياته فلم يجد عندهنّ شيئاً ، فلمّا أن ولّى نظر إلى حجرة فاطمة عليهاالسلام فقال : إن يكن خير فمن منزل فاطمة عليهاالسلام ، فقرع الباب فأجابته فاطمة عليهاالسلام ، فشرح لها سلمان قصّة الأعرابيّ تماماً ، فقالت : «يا سلمان ، والذي بعث محمّداً صلىاللهعليهوآله بالحقّ نبيّاً إنّ لنا ثلاثاً ما طعمنا ، وإنّ الحسن والحسين اضطربا من شدّة الجوع فرقدا ولكن لا أردّ الخير ، يا سلمان خذ درعي هذا وامض به إلى شمعون اليهوديّ ، وقل له : إنّ فاطمة عليهاالسلام تقول : أقرضني عليه صاعاً من تمر وصاعاً من شعير أردّه عليك إن شاء اللّه» .
قال : فأخذ سلمان الدرع وأتى به إلى شمعون ، فأخذ شمعون الدرع ثمّ جعل يقلّبه في كفّه وعيناه تذرفان بالدموع ، وهو يقول : يا سلمان ، هذا هو الزهد في الدنيا ، هذا الذي أخبرنا به موسى بن عمران عليهالسلام في التوراة ، فذكر الشهادتين ، وأسلم وحسن إسلامه.
ثمّ دفع إلى سلمان صاعاً من تمر وصاعاً من شعير ، فأتى به سلمان إلى فاطمة عليهاالسلام فطحنته بيدها واختبزته وأتت به إلى سلمان وقالت له : «خذه وامض به إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله » فقال لها سلمان : خذي منه قرصاً تعلّلين به الحسن والحسين عليهماالسلام ، فقالت : «يا سلمان ، هذا شيء أمضيناه للّه عزّ وجلّ لسنا نأخذ منه شيئاً» .
فأتى به سلمان جميعاً إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فلمّا نظر النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى سلمان