سُليم ، لا ينبغي التهجّم بالكلام الغليظ في المجالس ، فواللّه الذي بعثني بالحقّ نبيّاً يا أعرابيّ ، إنّ أهل السماء السابعة يسمّونني أحمد الصادق ، أسلم يا أعرابيّ ، تسلم من النار» فغضب الأعرابيّ ، وقال : واللاّت والعزّى لا اُؤمن بك يا محمّد ، أو يؤمن هذا الضبّ ، ثمّ رمى الضبّ من كُمّه ، فشرع الضبّ يهرب فناداه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقال : «أيّها الضبّ ، أقبل إلَيَّ» فأقبل الضبّ ينظر إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «من أنا أيّها الضبّ؟» فإذا هو نطق وقال بلسان فصيح : أنت محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب بن هاشم ابن عبد مناف ، فقال : «من تعبد؟» فقال : أعبد اللّه الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة واصطفاك حبيباً ، ثمّ أنشد أشعاراً في مدح النبيّ صلىاللهعليهوآله وصدّقه ، أوّلها :
ألا يا رسول اللّه إنّك صادق |
|
فبوركت مهديّاً وبوركت هاديا |
قال : ثمّ أطبق على فم الضبّ ، فلمّا نظر الأعرابيّ إلى ذلك قال : واعجباه ! ضبّ صدته في البريّة يشهد له بهذه الشهادة ، أنا لا أطلب أثراً بعد عين ، فأسلم الأعرابيّ وحسن إسلامه ـ وفي رواية اُخرى : إنّ الأعرابيّ لمّا أسلم أنشد تلك الأشعار . ولم ينسبها إلى الضبّ ، ولعلّه أظهر ـ فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : «هل لك شيء من المال؟» قال : والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما في بني سُليم أفقر منّي .
فالتفت النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى أصحابه فقال لهم : «من يحمل الأعرابيّ على ناقة ، أضمن له على اللّه ناقة من نوق الجنّة» قال : فوثب (سعد بن عبادة)(١) إليه وقال : عندي ناقة حمراء عشراء وهي للأعرابيّ .
____________________
(١) في المصدر بدل ما بين القوسين : «عبد الرحمن بن عوف» .