فلا محالة يجب الحكم إذَنْ بتنزهّها عن الخطأ والجهل ، لاسيّما في ما نحن فيه ، فبقي أن يكون الخطأ من خصمها مقدوحاً في أذاها ، ولا بأس إن أوضحنا هذا أيضاً ؛ لانتهائه في نهاية المطاف إلى بطلان ما حازوه من الخلافة .
فنقول : لا شكّ في كون أبي بكر مقصّراً وعلى خطأ في حكاية فاطمة عليهاالسلام من كلّ جهة .
أمّا أوّلاً : فلأنّه قد بيّنا سابقاً صريحاً أنّ أصل تأذّي فاطمة عليهاالسلام إجمالاً غاية التأذّي ولو مع قطع النظر عن تعيين سببه ثابت لا يمكن إنكاره ، وقد أوضحنا أيضاً ثبوت كون أذاها أذى اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله بالاتّفاق ، وقد قال عزّ وجلّ : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)(١) ، فأيّ تقصير أعظم من هذا؟ خصوصاً مع عدم تدارك ذلك بإرضائها حتّى ماتت عليه .
ثمّ لا يخفى أنّ هذا قادح في الخلافة أيضاً ؛ لما مرّ ويأتي من قوله تعالى : (لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٢) وأمثاله .
وأمّا ثانياً : فلأنّ ارتكاب خصوص هذا كان مخالفةً للّه ورسوله صلىاللهعليهوآله صريحاً ، وترك ما نصّ عليه الرسول جهاراً ، وعدم المبالاة بما نهى عنه متوعّداً بالوعيد الشديد عمداً ؛ إذ قد ثبت بما بيّنّاه صريحاً ، بل اتّفق عليه الأُمّة أيضاً أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخبر الأُمّة كراراً ومراراً بأنّ كلّ من أوصل إلى فاطمة أذيّةً فقد أوصلها إليه ، ولم يستثن من ذلك شيئاً ، لا شخصاً مخصوصاً ولا أذيّةً خاصّة ، بل منعهم جميعاً عن ارتكاب كلّ ما يكون سببَ تألّمها وسخطها .
____________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧ .
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٢٤