ألم يكن عمر هو الذي قرّر كلّ سنة من بيت المال أربعين ألفاً لعائشة ، وأربعين ألفاً لحفصة ، وثلاثين ألفاً لأُمّ سلمة(١) ، وهكذا .
وأمثال ما ذُكر كثيرة ، حتّى أنّ ابن الأثير نقل في جامع الأُصول : أنّ عمر قسّم خيبر على أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآله وأعطى السهم الأعلى لعائشة وحفصة ، وأنّ عثمان أقطع فدك مروان لمّا زوّجه بنته(٢) .
ونقل السيوطي في كتاب تاريخ الخلفاء : أنّ فدك كانت بعد الضبط حبوة أبي بكر وعمر ، ثمّ عثمان أقطعها مروان(٣) .
فإذا كان الأمر كذلك حتّى كان يجوز أن يجعلا فدك حبوة لأنفسهما بدون إذن المسلمين ، وهم مع هذا يرضون ويسكتون ، فلو أرادا إعطاءها فاطمة عليهاالسلام لما نازعهما أحد من المسلمين، ولَما توجّه إليهما حرج مضرّ للدين.
وبالجملة : لا شبهة في أنّهم لو أرادوا جدّاً مراعاة خواطرها وتدارك وجوه تألّمها لم يعجزوا عن نوع من التدبير في ذلك ، فافهم .
وأمّا خامساً : فلأنّ الذي ينادي به ما ذكرناه وغيره من خصوص روايات القوم وشواهد الحال من أنّ أبا بكر في حكاية دعوى فاطمة عليهاالسلام كان على الباطل عاملاً بخلاف قانون الشريعة ومقتضى الأدلّة الشرعيّة ، من وجوه عديدة :
الأوّل : أنّ مقتضى قانون الشرع أن يحضر المدّعيان عند ثالثٍ يحكم بينهما على وفق ما أمر به الشارع ، من إثبات المدّعى بالشهود وغيرها من
____________________
(١) انظر : الإيضاح : ٢٥٣ ، والصراط المستقيم ٣ : ٢٠ ، كتاب الأموال : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ و٢٣٨ / ٥٥٠ و٥٥٣ و٥٥٤ ، تاريخ الطبري ٣ : ٦١٤ ، الأربعين للشيرازي : ٥٦٤ .
(٢) انظر : جامع الأُصول ٢ : ٧١٢ / ١٢٠٩ .
(٣) انظر : تاريخ الخلفاء : ١٨٥ .