قال : أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المالَ خلا جعفر بن محمّد ، فإنّي أتيته وهو يصلّي في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله فجلستُ خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه ، فعجّل وانصرف ، ثمّ التفت إلَيَّ ، فقال : «يا مهاجر اتّق اللّه ولا تغرَّ أهل بيت محمّد ، فإنّهم قريبو العهد من دولة بني مروان وكلّهم محتاج» ، فقلت : وما ذاك أصلحك اللّه ؟ فأدنى رأسه منّي وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتّى كأنّه كان ثَالِثَنا .
قال : فقال المنصور : اعلم أنّه ليس من أهل بيت نبوّةٍ إلاّ وفيه محدّث ، وإنّ جعفر بن محمّد محدّثُنا اليومَ .
قال جعفر بن محمّد : فكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة(١) .
أقول: رأيت في بعض كتب العامّة أنّه نقل مثل هذه الحكاية عن لسان مهاجر بأدنى تفاوت يسير إلاّ أنّ فيه عند ذكر كلام الصادق عليهالسلام هكذا : ثمّ التفت إلَيَّ فقال : «يا مهاجر ـ ولم أكن أتسمّى باسمي ، ولا أتكنّى بكنيتي ـ قل لصاحبك : يقول لك جعفر : كان أهل بيتك إلى غير هذا أحوج منهم إلى هذا ، تجيء إلى قوم شباب محتاجين فتدسّ إليهم فلعلّ أحدهم أن يتكلّم بكلمة تستحلّ بها سفك دمه ، فلو بررتهم ووصلتهم وأقلتهم وأعنتهم كانوا إلى هذا أحوج ممّا تريد منهم» .
قال : فلمّا أتيت إلى المنصور قلت له : جئتك من عند ساحر ، كان من أمره كذا وكذا ، فقال : صدق واللّه لقد كانوا إلى غير هذا أحوج ، إيّاك أن
____________________
(١) بصائر الدرجات : ٢٦٥ / ٧ ، الكافي ١ : ٣٩٥ / ٦ (باب مولد أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهالسلام ) ، الخرائج والجرائح ٢ : ٧٢٠ / ٢٥ ، مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٤ : ٢٣٩ ، دلائل الإمامة : ٢٦٦ / ١٩٦ ، الثاقب في المناقب : ٤٠٦ / ٣٣٨ ، بحار الأنوار ٤٧ : ٧٤ / ٣٩ .