أصحابي»(١) يعني : المخلصين من شيعته الذين قبضهم اللّه وهم على أحوال التقيّة والتمسّك بما هو الحقّ باطناً ، وهذا أمر ظاهر لكلّ متتبّع بصير .
فتأمّل في جميع ما ذكرناه في هذا الباب حتّى يتبيّن لك أنّ أصل مدار سلوك القوم مع فاطمة عليهاالسلام من حين وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله كان على التعدّي والأذى ، وترك رعاية حرمتها التي كانت لها في زمان أبيها من كلّ وجه ، حتّى ورد أنّهم منعوها من بكائها على أبيها فضلاً عن حكاية فدك .
وكفى أنّهم لم يحضروا دفنها بحيث إنّ أصحابهم إلى الآن مختلفون في قبرها ، بل الحقّ أنّها أرادت إظهار ظلمهم لها ولزوجها ، وإتمام الحجّة عليهم ؛ حيث أظهرت بالمطالبة ، وأجهرت بالمنازعة ، وإلاّ فتمام الدنيا عندها لم يكن يسوى جناح بعوضة .
ومن الواضحات بحسب الكتاب والسُّنّة ، واعتراف من روى ما قدّمناه من مناقبها أنّ أذاها أذى اللّه ورسوله ، وأنّ ظلمها هو أعظم الظلم ، وأنّ صاحب كلٍّ منهما ملعون بنصّ القرآن(٢) .
ولقد كفى ما بيّنّاه في هذا المقام وإن أمكن الزيادة أيضاً ، لأنّ هذا المقدار يكفي لطالب(٣) الاستبصار ، وأمّا المتعصّب فلا يرجع عن غيّه وضلاله ولو كان الأمر كالشمس في رابعة النهار .
ولقد كفى أنّ أكثرهم لم يتوجّهوا إلى حكاية تأذّيها أصلاً ، بل
____________________
(١) الفصول المختارة (في ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ج٢) : ٧٨ ، تنزيه الأنبياء عليهمالسلام ـ للمرتضى ـ : ١٤٤ ، الصوارم المهرقة : ١٦٣ .
(٢) إشارة إلى الآية التي في سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧ ، (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) .
(٣) في «ن» : «لصاحب» بدل «لطالب» .