______________________________________________________
الثاني : تسوية الأرض بطمّ الحفر التي فيها ، وإزالة الارتفاع من المرتفع ، وحراثتها ، وتليين ترابها ، فإن لم يتيسر ذلك إلا بماء يساق إليها فلا بد منه لتهيئة الأرض للزراعة.
الثالث : ترتيب مائها إما بشق ساقية من نهر ، أو حفر بئر أو قناة وسقيها إن كانت عادتها لا يكتفى في زراعتها بماء السماء ، وإن اكتفت فلا حاجة إلى سقي ولا ترتيب ماء (١).
ومقتضى هذا الكلام أن المحتاجة إلى ترتيب الماء لا بد من سقيها ، وهو مقتضى كلام الشيخ في المبسوط (٢). ثم قال في التذكرة : وإذا احتاجت في السقي إلى النهر وجب تهيئة ماء من عين أو نهر أو غيرهما ، فإذا هيأه : فإن حفر له الطريق ولم يبق إلا إجراء الماء فيه كفى ولم يشترط إجراء الماء ولا سقي الأرض ، وإن لم يحفر فللشافعية وجهان (٣).
وبالجملة : السقي نفسه غير محتاج إليه في تحقق الإحياء ، إنما الحاجة إلى ترتيب ماء يمكن السقي منه (٤). هذا كلامه وهو مدافع للأول ، وكلام الأصحاب في اشتراط سوق الماء (٥) يقتضي عدم الاكتفاء بالتهيؤ.
ثم إن الأمر الثاني الذي اعتبره في تحقق الإحياء للزرع لم أجده في كلام غيره من الأصحاب ، نعم هو في كلام الشافعية (٦). واعتبار تسوية الأرض والحفر وإزالة الارتفاع ليس ببعيد ، لعدم صيرورتها زرعاً من دونه.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٤١٢.
(٢) المبسوط ٣ : ٢٧٢.
(٣) انظر : المجموع ١٥ : ٢١٣.
(٤) التذكرة ٢ : ٤١٢.
(٥) منهم الشيخ في المبسوط ٣ : ٢٧٢ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٧٥ ، والمحقق في الشرائع ٣ : ٢٧٦ ، والشهيد في الدروس : ٢٩٢.
(٦) هو لأبي العباس بن سريج ، انظر : المجموع ١٥ : ٢١٣.