رابح. فالمرجئة هم الّذين يهتمّون بالعقيدة ولا يهتمّون بالعمل ولا يعدّونه عنصراً مؤثراً في الحياة الاُخرويّة ، ويعيشون على أساس العفو والرجاء وبالجملة يهتمّون بالرغب دون الرهب والله سبحانه يقول : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ ويَدْعُونَنَا رَغَباً ورَهَباً ) ( الأنبياء / ٩٠ ).
وعلى ذلك ; فرمي كلّ من قال بأنّ الايمان هو التصديق بالإرجاء ، رمي في غير محلّه ، فإذا كان المرميّ ذا عناية خاصّة بالعمل بالأركان ، والقيام بالجوارح ، وكان شعاره قوله سبحانه : ( إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْر * إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصالِحَاتِ وتَواصَوْا بِالحَقّ وتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) فهو على طرف النقيض منهم ، خصوصاً على ما نقله شارح المواقف من المرجئة بأنّهم ينفون العقاب على الكبائر إذا كان المرتكب مؤمناً على مذهبهم.
هذا إجمال القول في عقيدة المرجئة وما يترتّب عليها من المفاسد ، ولأئمّة أهل البيت عليهمالسلام كلمات في حقّهم حذّروا المجتمع فيها من تلك الطائفة يجدها المتتبّع في محلّه (١). ويظهر من الأمير نشوان الحميري ( المتوفّى عام ٥٧٣ هـ ) شيوع المرجئة في عصره في الأوساط الإسلاميّة قال : « وليس كورة من كور الاسلام إلاّ والمرجئة غالبون عليها إلاّ القليل » (٢) ـ أعاذنا الله من شرّ الأبالسة.
إكمال :
قد عرفت التطوّر في استعمال لفظ « المرجئة » وأنّها تستعمل تارة في تأخير القول في عثمان وعلي ، وعدم القضاء في حقّهما بشيء ، وإرجاع أمرهما إلى الله. وأُخرى في تقديم القول على العمل وتأخيره عنه قائلاً بأنّه لا تضرّ مع الايمان المعصية ، كما لا تنفع مع
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ص ٣٩٢ فصل المعراج ، وغيره.
٢ ـ شرح الحور العين ص ٢٠٣، كما في « بحوث مع أهل السنة ».