ومنهم : من يصدِّق بلسانه ويكذّب بقلبه.
ومنهم : من يصدّق بقلبه ويكذّب بلسانه.
قال المتعلّم رحمهالله : لقد فتحت لي باب مسألة لم أهتد إليه ، فأخبرني عن أهل هذه المنازل الثّلاث أهم عند الله مؤمنون؟
قال العالم رضياللهعنه : من صدّق بالله وبما جاء من عند الله بقلبه ولسانه فهو عند الله وعند الناس مؤمن.
ومن صدّق بلسانه وكذّب بقلبه كان عند الله كافراً وعند الناس مؤمناً ، لأنّ الناس لا يعلمون ما في قلبه. وعليه يسمّونه. مؤمناً بما ظهر لهم من الإقرار بهذه الشهادة وليس لهم أن يتكلفوا علم ما في القلوب.
ومنهم من يكون عند الله مؤمناً وعند الناس كافراً وذلك بأنّ الرّجل يكون مؤمناً بالله وبما جاء عنه. ويظهر الكفر بلسانه في حال التقيّة أي الإكراه فيسمّيه من لا يعرف أنّه يتّقي ، كافراً ، وهو عند الله مؤمن (١).
وفي الفقه الأكبر المنسوب له ما هذا نصّه : « الإيمان هو الإقرار والتصديق » وجاء فيه : « ويستوي المؤمنون كلّهم في المعرفة واليقين والتوكّل والمحبّة والرضا والرجاء ويتفاوتون فيما دون الايمان في ذلك كلّه ». وجاء فيه : « الله متفضّل على عباده عادل قد يعطي في الثّواب أضعاف ما يستوجبه العبد ، تفضّلاً منه وقد يعاقب على الذّنب عدلاً منه وقد يعفو فضلاً منه » ، وجاء فيه : « ولا نكفّر أحداً بذنب ولا ننفي أحداً عن الايمان » (٢).
أقول : إنّ القول بأنّ الايمان هو التصديق القلبي فقط ، لا يُدخل القائل في عداد المرجئة إذا كان مهتمّاً بالعمل ويرى النجاة والسعادة فيه ، وأنّه لولاه لكان خاسراً غير
__________________
١ ـ العالم والمتعلم للإمام أبي حنيفة ، تحقيق عمر رواس قلعة جى وعبد الوهاب الهندي الندوي ، ص ٥٢ ـ ٥٣.
٢ ـ ضحى الإسلام : ج ٣ ص ٣٢١.