قد تكرّر لفظ « القدريّة » في كلمات أهل الحديث والمتكلّمين ومؤلّفي الفرق والملل والنحل ، ورويت حولها أحاديث وهي إحدى المصطلحات الدارجة بينهم ، وتحاول كلّ طائفة أن تتبّرأ منها وتتّهم مخالفها بها. ولأجل إكمال البحث نتحدّث عن سند الحديث أوّلاً ، ودلالته ثانياً على وجه الإجمال ، وإليك متن الحديث بصوره :
١ ـ روى أبو داود عن عبدالله بن عمر أنّ رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « القدريّة مجوس هذه الاُمّة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم ».
٢ ـ وروى أيضاً عن عبدالله بن عبّاس (١) أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم ».
٣ ـ روى الترمذي عن عبدالله بن عبّاس قال : قال رسول اللّهصلىاللهعليهوآلهوسلم :
« صنفان من اُمّتي ليس لهم في الإسلام نصيب : المرجئة ، والقدرية » (٢).
إذا عرفت متن الحديث فإنّ الكلام يقع في موردين :
الأوّل : في سند الحديث. فهل روي بسند صحيح يمكن الاحتجاج به أو لا؟
الثاني : فما هو المقصود من القدريّة على فرض صحّته؟
أمّا من ناحية السند ، فيكفي في ضعف الأوّل ما قاله المنذري : « إنّه منقطع لأنّه يرويه سلمة بن دينار عن ابن عمر ، ولم يدركه ، وقد روى عن ابن عمر من طرق لا يثبت منها شيء ».
ويكفي في ضعف سند الثاني وجود « حكم بن شريك الهذلي البصري » فيه وهو مجهول لم يعرف.
__________________
١ ـ كذا في جامع الاُصول ولكن في سنن أبي داود ، « عمر بن الخطاب » مكان « عبد الله بن عباس » ، لاحظ : ج ٤، ص ٢٢٨، الحديث ٤٧١٠.
٢. جامع الاُصول : ج ١٠ ص ٥٢٦.