على كتب الأشاعرة كمقالات الإسلاميين للشيخ الأشعري ( م ٣٢٤ ) ، ونهاية الاقدام للشهرستاني ( م ٥٤٨ ) ، والاقتصاد للغزالي ( م ٥٠٥ ) ، والمواقف للعضدي ( م ٧٧٥ ) إلى غير ذلك ، وهؤلاء كلّهم أعداء المعتزلة ولا يستطيعون تقرير مواقف خصومهم في المسائل مجرّدين عن كلّ انحياز، ـ مع أنّه لم يقف ـ تأثّر كثيراً بمنهج الاعتزال تبعاً لأساتذته الغربيّين ، ولولاهم لما خرج الاُستاذ أحمد أمين عمّا حاكت عليه البيئة المصريّة الأشعريّة من الشباك الفكري قدر أنملة ، ولا بأس بنقل جمل من إطرائه للمعتزلة في فصول مختلفة.
١ ـ يقول حول توحيد المعتزلة وتنزيههم : « وقد كانت نظرتهم في توحيد الله نظرة في غاية السموّ والرفعة ، فطبّقوا قوله تعالى : ( ليس كمثله شيء ) أبدع تطبيق ، وفصّلوه خير تفصيل وحاربوا الأنظار الوضعيّة من مثل أنظار الّذين جعلوا الله تعالى جسماً » (١).
٢ ـ يقول حول نظريّتهم في حرّية العباد : « وقالت المعتزلة بحرّية الإرادة وغلوا فيها أمام قوم سلبوا الإنسان إرادته حتّى جعلوه كالريشة في مهبّ الريح أو كالخشبة في إليمّ. وعندي أنّ الخطأ في القول بسلطان العقل وحرّية الإرادة والغلوّ فيهما خير من الغلوّ في أضدادهما ، وفي رأيي أنّه لو سادت تعاليم المعتزلة إلى إليوم لكان للمسلمين موقف آخر في التأريخ غير موقفهم الحالي وقد أعجزهم التسليم وشلّهم الجبر وقعد بهم التّواكل » (٢).
٣ ـ يقول في حقّ إبراهيم بن سيّار المعروف بالنظّام ، الشخصيّة الرابعة بين المعتزلة بعد واصل بن عطاء ، وعمرو بن عبيد ، وأبي الهذيل العلاف ، اُستاذ الجاحظ وقد توفّي عام ٢٣١ : « أمّا ناحيته العقليّة ففيها الركنان الأساسيّان اللّذان سبّبا النهضة الحديثة في أروبا وهما الشكّ والتجربة ، وأمّا الشكّ فقد كان يعتبره النظّام أساساً للبحث فكان يقول : الشاكّ أقرب إليك من الجاحد ، ولم يكن يقين قطّ حتّى صار فيه شك ، ولم
__________________
١ ـ ضحى الاسلام : ج ٣، ص ٦٨.
٢ ـ نفس المصدر : ج ٣، ص ٧٠.