فتابعه عمرو بن عبيد ، ووافقه على التديّن به من قال بها ومن اتّبعهما عليه ، إلى اعتزال الحسن البصري وأصحابه والتحيّز عن مجلسه فسمّاهم الناس المعتزلة لاعتزالهم مجلس الحسن بعد أن كانوا من أهله وتفرّدهم بما ذهبوا إليه من هذه المسألة من جميع الاُمّة وسائر العلماء ولم يكن قبل ذلك يعرف الاعتزال ولا كان علماً على فريق من الناس » (١).
ولولا قوله : « وتفرّدهم بما ذهبوا إليه في هذه المسألة من جميع الاُمّة وسائر العلماء » لكان نصّاً في هذه النظرية ، إلاّ أنّ هذا الذيل يمكن أن يكون إشارة إلى النظرية الأخرى الّتي ستبيّن.
قد نقل اعتزال واصل حلقة الحسن جماعة كثيرة ، فنقلها المرتضى في أماليه ج ١ ص ١٦٧، والبغدادي في الفرق بين الفرق ص ١١٨، والشهرستاني في الملل والنحل ج ١ ص ٤٨، وابن خلكان في وفيات الأعيان ج ٦ ص ٨، والمقريزي في خططه ج ٢ ص ٣٤٦.
وعلى كلّ تقدير فقد ناقش الدكتور « نيبريج » المستشرق هذه النظرّية بأنّه وردت تسمية هذه المدرسة بأهل الاعتزال بمن قال بالاعتزال ، ولو كان معنى الكلمة ما زعموه لما جاز مثل هذه التسمية ، ثم إنّ لها عدّة نظائر في عرف ذلك الزمان كالمرجئة يرادفها أهل الارجاء وهم الّذين قالوا بالإرجاء ، والرافضة يرادفها أهل الرفض ومن قال بالرفض (٢).
ولعلّ المناقشة في محلّها كما سيظهر مما ننقله عن المسعودي في النّظرية السادسة.
٥ ـ الاعتزال عن القولين السائدين في ذلك العصر
وهناك رأي خامس في تسميتهم بالاعتزال يظهر من شيخ المعتزلة أبي القاسم البلخي ( م ٣١٧ ) يقول : « والسبب الّذي له سمّيت المعتزلة بالاعتزال; أنّ الاختلاف
__________________
١ ـ أوائل المقالات ص ٥ ـ ٦.
٢ ـ مقدمة كتاب الانتصار لأبي الحسين الخياط ص ٥٤.