وسيأتي أنّ هذين الأصلّين اللّذين يعدّان الرّكنين الأساسيين لمدرسة الاعتزال مأخوذان من خطب الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
٣ ـ أهل الحق : المعتزلة يعتبرون أنفسهم أهل الحق ، والفرقة الناجية من ثلاث وسبعين فرقة ، وقد فرغنا الكلام عن هذا الحديث وتعيين الفرقة الناجية في الجزء الأوّل.
٤ ـ القدرية : يعبّر عن المعتزلة في الكتب الكلاميّة بالقدريّة. والمعتزلة يطلقونها على خصمائهم ، وذلك لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ القدريّة مجوس هذه الاُمّة. فلو قلنا بأنّ القدريّة منسوبة إلى القدر عِدْل القضاء ، فتنطبق على خصماء المعتزلة القائلين بالقدر السالب للاختيار. ولو قلنا بأنّها منسوبة إلى القدرة ، أي القائلين بتأثير قدرة الإنسان في فعله واختياره وتمكّنه في إيجاده ، فتنطبق ـ على زعم الخصماء ـ على المعتزلة لقولهم بتأثير قدرة الإنسان في فعله. وقد طال الكلام بين المتكلّمين في تفسير الحديث وذكر كلّ طائفة وجهاً لانطباقه على خصمها (١).
والحقّ أنّ المتبادر من الحديث هو القدريّة المنسوبة إلى القدر الّذي هو بمعنى التقدير ، وإطلاقه على مثبت القدر كأهل الحديث والحنابلة متعيّن ، إذ لا يطلق الشيء ويراد منه ضدّه.
فلو كان المراد منه المعتزلة يجب أن يراد منها نفي القدر. وقد روي عن زيد بن عليّ أنّه قال ـ حين سأله أبو الخطّاب عمّا يذهب إليه ـ : « أبرأ من القدريّة الّذين حملوا ذنوبهم على الله ومن المرجئة الّذين أطمعوا الفسّاق ». هذا ، ولقد أوضحنا المراد من الحديث في محلّه (٢).
٥ ـ الثنوية : المعتزلة يدعون بالثنوية ولعلّ وجهه ما يتراءى من بعضهم لقولهم
__________________
١ ـ لاحظ في الوقوف على هذه الوجوه كشف المراد للعلامة الحلي ص ١٩٥، وشرح المقاصد للتفتازاني ج ٢ ص ١٤٣، وقد مضى الكلام في سند الحديث ودلالته في فصل القدرية من هذا الجزء فلاحظ.
٢ ـ لاحظ الجزء الأول من الملل والنحل للمؤلف ص ١٠٣ ـ ١٠٩ ولاحظ الالهيات في ضوء الكتاب والسنة والعقل : محاضراتنا الكلامية بقلم الفاضل الشيخ حسن مكي.