ومن سبر تأريخ أئمّة أهل البيت وذرّيتهم الطيّبة وقف على أنّهم لم يدقّوا باب أحد من الناس ، بل تلقّوا ما تلقّوه عن نفس الأئمّة ، على أنّ زيد بن عليّ قد صلب عام ١٢١ وله من العمر في ذلك الوقت ٤٢. فيكون من مواليد عام ٧٩ أو ٨٠، وكان واصل من مواليد عام ٨٠، فمن البعيد أن يكون وليد البيت العلويّ تلميذاً لمن هو أصغر منه سنّاً أو مثله ، وقد عدّه الرجاليون من أصحاب أبيه عليّ السجاد عليهالسلام ( م ٩٤ ) وأخيه الإمام الباقر عليهالسلام ( م ١١٤ ) والإمام الصادق عليهالسلام الّذي استشهد زيد في حياته.
نظريّة بعض المستشرقين ومناقشتها
وهناك رجال آخرون قد وقعوا في نفس هذه الشبهة ، وأرسلوها إرسال المسلّمات ، إمّا مجرّدة عن الدّليل أو مقرونة بتلفيقات غير منتجة. فمن الطائفة الاُولى المستشرق « آدم متز » يقول :
« لم يكن للشيعة حتّى ذلك الوقت ( عام ٣٣٤ ) مذهب كلامي خاصّ بهم ، فاقتبسوا عن المعتزلة اُصول الكلام وأساليبه ... حتّى إنّ ابن بابويه أكبر علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري اتّبع في كتابه « العلل » طريقة علماء المعتزلة الّذين كانوا يبحثون عن علل كلّ شيء ـ إلى أن قال ـ : إنّ الشيعة من حيث العقيدة والمذهب هم ورثة المعتزلة » (١).
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ما ذكره يعرب عن قلّة اطّلاع المستشرق على الثّقافة الشيعية ، وعدم تعرّفه على المتكلمين البارزين فيهم قبل السنة المذكورة. ويكفي في ذلك مراجعة كتاب « تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام » للسيد حسن الصدر ص ٣٥٣ ـ ٤٠٢. لقد كان للشيعة متكلّمون بارعون في الجدل والمناظرة في أبواب العقائد في القرون الثلاثة الاُول. وها نحن نأتي بأسماء نماذج من أبرع متكلّمي الشيعة في
__________________
١ ـ الحضارة الاسلاميّة في القرن الرابع الهجري لآدم متز : ج ١ ص ١٠٢.