يستحقّ الذّكر ، في الأصول الخمسة نذكرهم في فصل لاحق حتّى تتميّزالطّافتان.
نعم ، انطفأء دعوة الاعتزال وضعفت شوكتهم بعد سادس القرون أو سابعها ، فلا تسمع لهم ذكراً في الأجيال اللاّحقة فلا إمام ولا علم ولا فقد انقرضوا بسيف السلطة وقسوة الحنابلة والأشاعرة ، وتركوا آثاراً وكتباً عبث بها الزمان ، فلم يبق إلاّ النّزر اليسير. ولكن آثارهم ...
إنّ آثارنا تدلّ علينا |
|
فانظروا بعدنا إلى الآثار |
أبو حذيفة واصل بن عطاء مؤسس الاعتزال ، المعروف بالغزّال. يقول ابن خلّكان : « كان واصل أحد الأعاجيب ذلك أنّه كان ألثغ ، قبح اللثغة في الرّاء فكان يخلّص كلامه من الرّاء ولايُفطَن لذلك ، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه ، ففي ذلك يقول أبو الطروق يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الرّاء على كثرة تردّدها في الكلام حتّى كأنها ليست فيه
عليم بإبدال الحروف وقامع |
|
لكلّ خطيب يغلب الحقّ باطله |
وقال الآخر :
قد ذكر عنده بشّر بن برد ( المتّهم بالزندقة ) فقال : « أما لهذا الأعمى المكنّى بأبي معاذ من يقتله؟ أما والله لولا أنّ الغيلة خلق من أخلاق الغالية لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضجعه ، ثمّ لا يكون إلاّ سذوسياً أو عقيليّاً »
فلاحظ أنّه قال : « هذا الأعمى » ولم يقل : بشّار ولا ابن برد ، ولا الضرير. وقال : « من أخلاق الغالية » ولم يقل : المغيرية ولا المنصورية ، وقال : « لبعثت » ولم يقل : لأرسلت ، وقال : « على مضجعه » ولم يقل : على مرقده ولا على فراشه ، وقال : « يبعج » ولم