القاعدة الثانية : القول بالقدر ، وحاصلها أنّ العبد هو الفاعل للخير والشرّ والإيمان والكفر والطاعة والمعصية ، والربّ أقدره على ذلك.
القاعدة الثالثة : المنزلة بين المنزلتين ، وأنّ مرتكب الكبيرة ليس كافراً ولا مؤمناً ، بل فاسق مخلّد في النّار إنّ لم يتب.
القاعدة الرابعة : قوله في الفريقين من أصحاب الجمل وصفّين ، أنّ أحدهما مخطئ لا بعينه ، وكذلك قوله في عثمان وخاذليه ، أنّ أحد الفريقين فاسق لا محالة ، كما أنّ أحد المتلاعنين فاسق لا محالة ، لكن لا بعينه ».
ثمّ رتّب الشّهرستاني على تلك القاعدة وقال : « وقد عرفت قوله في الفاسق وأقلّ درجات الفريقين أنّه لا تقبل شهادتهما كما لا تقبل شهادة المتلاعنين ، فلم يجوِّز شهادة عليّ وطلحة والزبير على باقة بقل ، وجوّز أنّ يكون عثمان وعليّ على الخطأ » (١).
أقول : إنّ القاعدة الاُولى إشارة إلى الأصل الأوّل من الاُصول الخمسة ، أعني التّوحيد ، وهذا الأصل عندهم رمز إلى تنزيهه سبحانه عن التشبيه والتجسيم ، كما أنّ القاعدة الثانية من فروع الأصل الثاني ، أعني القول بالعدل ، فتوصيفه سبحانه به يقتضي القول بالقدر ، أي إنّ الانسان يفعل بقدرته واستطاعته المكتسبة ، ولا معنى لأن يكون خالق الفعل هو الله سبحانه ، ويكون العبد هو المسؤول. نعم دائرة الأصل الثاني ( العدل ) أوسع من هذه القاعدة.
والقاعدة الثالثة نفس أحد الاُصول الخمسة ، وبقي منها أصلان ـ الوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ ولم يأت ذكر منهما في كلام « واصل ».
وأمّا القاعدة الرابعة فقد خالف فيها واصل وتلميذه عمرو بن عبيد جمهور المعتزلة.
قال ابن حزم : « اختلف الناس في تلك الحرب على ثلاث فرق :
____________
١ ـ الملل والنحل : ج ١ ص ٤٩.