بوضوء المغرب. وحجّ أربعين حجّة ماشياً ، وبعيره موقوف على من أحصر ، وكان يحيي اللّيل بركعة واحدة ، ويرجِّع آية واحدة (١).
وقد روى نظيره في حقّ الشيخ أبي الحسن الأشعري ، وقد قلنا إنّه من المغالاة في الفضائل ، إذ قلّما يتّفق لإنسان ألاّ يكون مريضاً ولا مسافراً ولا معذوراً طيلة أربعين سنة ، حتّى يصلّي فيها صلاة الصبح بوضوء العتمة.
١ ـ روى المرتضى في أماليه أنّ ابن لهيعة أتى عمرو بن عبيد في المسجد الحرام فسلّم عليه وجلس إليه وقال له : يا أبا عثمان ما تقول في قوله تعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) ( النساء / ١٢٩ ) فقال : ذلك في محبّة القلوب الّتي لا يستطيعها العبد ولم يكلّفها ، فأمّا العدل بينهنّ في القسمة من النفس والكسوة والنفقة ، فهو مطيق لذلك ، وقد كلّفه بقوله تعالى : ( فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيلِ ) فيما تطيقون ( فَتَذَرُوها كَالمُعَلَّقَةِ ) بمنزلة من ليست أيّماً ولا ذات زوج. فقال ابن لهيعة : هذا والله هو الحق (٢).
أقول : ما سأله ابن لهيعة كان سؤالاً دارجاً في ذلك العصر ، وقد طرحه بعض الزنادقة ، كابن أبي العوجاء في البصرة ـ بندر الأهواء والآراء ـ ليوهم أنّ في القرآن تناقضاً. ولأجل ذلك سأل عنها هشام بن الحكم تارة وأبا جعفر الأحول ، مؤمن الطّاق ، اُخرى ، فغادر الرجلان البصرة ، لزيارة الإمام الصادق عليهالسلام في المدينة في غير موسم الحجّ والعمرة للتعرّف على الجواب وقد عرضا السؤال عليه ، فأجاب بنفس الجواب الّذي مرّ في كلام عمرو بن عبيد ، فلمّا سمع ابن أبي العوجاء الجواب قال : هذا ما حملته الإبل من الحجاز (٣).
__________________
١ ـ المنية والأمل : ص ٢٢. لاحظ الجزء الثاني من كتابنا ص ٢٤.
٢ ـ أمالي المرتضى : ج ١ ص ١٧٠ ـ ١٧١.
٣ ـ البرهان في تفسير القرآن : ج ١ ص ٤٢٠، الحديث ٢ ـ ٣.