الصفات (١).
فقد ذكر من الاُصول ثلاثة ، حيث إنّ نفي القدر وخلق القرآن إيعاز إلى العدل (٢) كما أنّ نفي الصفات والرؤية إشارة إلى التوحيد أي تنزيهه سبحانه عمّا لا يليق ، وأهمل اثنتين منها أعني الوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا كان هذا مبلغ علم الرجل بأصول الاعتزال الّذي هو أقرب إليه من الشيعة ، فما ظنّك بعلمه بطوائف أخرى كمعتقدات الشّيعة الّذين يعيشون في بيئة بعيدة منه ، ولأجل ذلك رماهم بنسب مفتعلة.
إيعاز إلى الاُصول الخمسة
وقبل كلّ شيء نطرح هذه الاُصول على وجه الاجمال حتّى يعلم ماذا يريد منها المعتزلة ، ثمّ نأخذ بشرحها واحداً بعد واحد فنقول :
١ ـ التوحيد : ويراد منه العلم بأنّ الله واحد لا يشاركه غيره فيما يستحقُّ من الصفات نفياً وإثباتا على الحدّ الّذي يستحقّه. وسيوافيك تفصيله فيما بعد ، والتوحيد عندهم رمز لتنزيهه سبحانه عن شوائب الامكان ووهم المثليّة وغيرهما ممّا يجب تنزيه ساحته عنه كالتجسيم والتشبيه وإمكان الرؤية وطروء الحوادث عليه ، غير أنّ المهمّ في هذا الأصل هو الوقوف على كيفيّة جريان صفاته عليه سبحانه ونفي الروية ، وغيرهما يقع في الدّرجة الثانية من الأهمية في هذا الأصل ، لأنّ كثيراً منها لم يختلف المسلمون فيه إلاّ القليل منهم.
٢ ـ العدل : إذا قيل إنّه تعالى عادل ، فالمراد أنّ أفعاله كلّها حسنة ، وأنّه لا يفعل القبيح ، وأنّه لا يخلّ بما هو واجب عليه. وعلى ضوء هذا لا يكذب في خبره ، ولا يجور في حكمه ولا يعذِّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم ، ولا يُظهر المعجزة على أيدي
__________________
١ ـ الفصل : ج ٢، ص ١١٣.
٢ ـ سيأتي في الأصل الثاني أنّ القاضي أدخل البحث عن خلق القرآن تحت ذلك. وإن كان غير صحيح.