قتل دون ذلك » (١).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضربين :
أحدهما : إقامة ما لا يقوم به إلاّ الأئمّة كإقامة الحدود وحفظ بيضة الإسلام وسدّ الثغور وإنفاذ الجيوش ونصب القضاة والاُمراء وما أشبه ذلك.
والثاني : ما يقوم به كافة الناس ، وفي المسلمين ـ كالإماميّة ـ من يقول بأنّ بعض المراتب منه كالجهاد الابتدائي مع الكفّار مشروط بوجود إمام معصوم مفترض الطاعة.
وهذا إلماع إلى معرفة الاُصول الخمسة الّتي يدور عليها فلك الاعتزال وقد أخذناها من شرح الاُصول الخمسة وقد أتى بها في الفصل الّذي عقده لبيان اُصول المعتزلة على وجه الاختصار. ثمّ أخذ بالتفصيل في ضمن فصول.
والمعتزلة قد اتّفقوا على هذه الاُصول وإن اختلفوا في تفاصيلها. نعم ، إنّ هناك اختلافات فيها بين أصحاب المدرستين : أصحاب مدرسة البصرة وعلى رأسهم واصل ابن عطاء ، وعمرو بن عبيد ، والنظّام والجبائيان والقاضي ، وأصحاب مدرسة بغداد وفي مقدّمهم بشر بن المعتمر ، وأبو الحسين الخيّاط ، وأبو القاسم البلخي ، وقد عرفت في الفصول السابقة ترجمة حياتهم.
هذه الاُصول الخمسة الّتي بها يناط دخول الرجل في سلك المعتزلة.
وقد ذكر الشهرستاني الاُصول الّتي اتّفقت المعتزلة عليها ، من دون أن يفرّق بين ما يدخل في الاُصول الخمسة وما هو خارج عنها ، وإليك نصّه :
« القول بأنّ الله تعالى قديم ، والقدم أخصّ وصف ذاته ، ونفوا الصفات القديمة أصلاً فقالوا : هو عالم بذاته ، قادر بذاته ، حيّ بذاته ، لا بعلم وقدرة وحياة. هي صفات قديمة ، ومعان قائمة به ، لأنّه لو شاركته الصفات في القدم الّذي هو أخصّ الوصف ،
__________________
١ ـ الاُصول الخمسة ص ١٤٢.