تسرده المعتزلة قول بلا دليل. كيف والنّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقبل إسلام من شهد الشهادتين وإن لم يشهد على بعض هذه الاُصول ، ومعنى الشهادة الثانية هو التصديق بكلّ ما جاء به وهذا يكفي في تسمية الشاهد مسلماً إذا اعترف بلسانه ، ومؤمناً إذا اعترف بقلبه. وعلى ضوء ذلك فلا يلزم عرفان هذه الاُصول ، لا على وجه التفصيل أي بالبرهنة والاستدلال ، ولا على وجه الاجمال أي تلقّيها اُصولاً مسلّمة.
وثانياً : أنّه لو صحّ ما ذكره من البيان بطل الاقتصار على الاُصول الخمسة ، لأنّ الاعتقاد بالنبوّات والشرائع والمعاد وحشر الأجساد ممّا يتكامل به العلم بالعدل ، فمن لم يعرفها ، لا على وجه الجملة ولا على وجه التفصيل ، لم يتكامل اعتقاده بالتوحيد والعدل ، وقس عليه سائر الاُصول.
والّذي يمكن أن يقال في المقام أنّ ما يجب تحصيله من هذه الاُصول الخمسة هو وجوب معرفة وحدانيّته على الوجه اللائق به ، وأمّا الاُصول الأربعة فلا دليل على وجوب عرفانها بعينها استدلالاً أو تعبّداً.
قد تعرّفت على أنّه لا وجه للاقتصار على الاُصول الخمسة ، لما مرّ من أنّ أمر النبوّات والشرائع والمعاد أولى بأن يعدّ من الاُصول ، غير أنّ القاضي حاول أن يبيّن وجه الاقتصار على الخمسة فقال : « إنّ المخالف في هذه الاُصول ربّما كفر وربّما فسق وربّما كان مخطئاً.
أمّا من خالف في التّوحيد ونفى عن الله تعالى ما يجب إثباته ، وأثبت ما يجب نفيه عنه ، فإنّه يكون كافراً.
وأمّا من خالف في العدل وأضاف إلى الله تعالى القبائح كلّها من الظّلم والكذب وإظهار المعجزات على الكذّابين وتعذيب أطفال المشركين بذنوب آبائهم